أزمة FTX تصل ذروتها: مطالبات بقيمة 11 مليار دولار ومصير 1.4 مليار ما زال غامضًا
في تطور جديد يعكس حجم التعقيد الذي لا يزال يكتنف ملف منصة تداول العملات الرقمية المنهارة “إف تي إكس” (FTX)، كشفت تقارير رسمية حديثة أن إجمالي المطالبات المالية المقدمة ضد المنصة قد بلغ ما يقارب 11.2 مليار دولار أمريكي. من بين هذا المبلغ، لا تزال مطالبات بقيمة 1.4 مليار دولار غير محسومة، ما يسلط الضوء على الصعوبات القانونية والإدارية التي تواجه عملية إعادة الهيكلة الجارية حاليًا.
تفاصيل المطالبات المالية تكشف عمق الكارثة
وفقًا لما ورد في الوثائق التي قُدِّمت إلى المحكمة المختصة، فإن لجنة الدائنين غير المضمونين أكدت أن عدد المطالبات المقدمة تجاوز 2600 مطالبة، مما يعكس حجم الثقة التي فقدها المجتمع الاستثماري في المنصة السابقة.
علاوة على ذلك، تم رفض مطالبات بقيمة 2.2 مليار دولار إما لعدم توفر الوثائق الداعمة أو لعدم امتثالها لمتطلبات الإفصاح القانونية. وقد أدى هذا إلى تسريع بعض جوانب عملية إعادة التنظيم، فيما يظل الغموض يلف مصير مبالغ ضخمة أخرى لا تزال قيد التحقيق أو المراجعة.
الهيئات الرسمية تواصل الإشراف على الإجراءات القضائية
ما زالت المحكمة الفيدرالية المعنية بشؤون الإفلاس في ولاية ديلاوير الأمريكية تلعب دورًا محوريًا في توجيه مسار الإجراءات القانونية. تعمل هذه المحكمة، بالتنسيق مع خبراء ماليين وقانونيين مستقلين، على تدقيق المطالبات المالية وتحديد مدى صحتها، بما يضمن حقوق جميع الأطراف المتضررة.
ومن جهته، أصدر فريق الإدارة الجديد لمنصة FTX بيانًا يوضح فيه التزامه بالشفافية الكاملة والتعاون الكامل مع السلطات التنظيمية، بما في ذلك لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) ولجنة تداول العقود الآجلة (CFTC).
تراجع كبير في عدد المطالبات مقارنة بالتقديرات السابقة
رغم ضخامة الرقم الإجمالي للمطالبات، إلا أن عدد المطالبات النشطة شهد تراجعًا ملموسًا. فبعد أن بلغ في مرحلة سابقة أكثر من 3600 مطالبة، تقلّص هذا العدد إلى حوالي 2600 مطالبة حاليًا. هذا التراجع جاء نتيجة فحص دقيق للمستندات المرفقة، إلى جانب تسويات قانونية مبرمة مع بعض الأطراف المؤسسية.
ويُلاحظ أن بعض المطالبات التي تم رفضها تعود إلى شركات مرتبطة بمشاريع بلوك تشين ناشئة لم تكن لديها عقود مباشرة مع FTX، مما صعّب من إثبات أحقيتها أمام المحكمة.
استمرار البحث في مصير الأصول المجمدة
لا تزال السلطات المختصة، بالتعاون مع خبراء التصفية، تسعى لتحديد مصير أصول تقدّر قيمتها بأكثر من 1.4 مليار دولار. هذه الأصول تشمل عملات رقمية متنوعة، بالإضافة إلى استثمارات سابقة في شركات تكنولوجيا مالية ناشئة (FinTech).
ويتوقع محللون ماليون أن يستغرق البت النهائي في مصير هذه الأصول عدة أشهر أخرى، لا سيما في ظل تعقيدات تتعلق بعمليات التحقق من الملكية وتتبع حركة الأموال عبر شبكات بلوك تشين معقدة.
خطط التعويض المحتملة للدائنين
في ظل هذه التطورات، تبرز تساؤلات ملحة حول آليات تعويض الدائنين، خاصة أولئك من الأفراد والمستثمرين الصغار. وقد أكدت مصادر قريبة من الملف أن فريق إعادة الهيكلة يدرس مقترحات مختلفة تتضمن خيارات مثل:
-
تعويض نقدي بناءً على أسعار العملات الرقمية وقت الإفلاس
-
إصدار رموز رقمية جديدة (Reorganization Tokens)
-
توزيع جزئي للأصول المتبقية وفقًا لنسب محددة قانونًا
حتى اللحظة، لم تُحسم هذه الخيارات بشكل نهائي، إلا أن إدارة المنصة تؤكد أنها تعمل على إيجاد حلول عادلة ومتوازنة لجميع المتضررين، مع إعطاء الأولوية لصغار المستثمرين.
الخلفية: انهيار FTX لا يزال يلقي بظلاله على السوق
تجدر الإشارة إلى أن انهيار منصة FTX في نوفمبر 2022 شكّل واحدة من أكبر الكوارث المالية في تاريخ العملات الرقمية. فقد تسببت تلك الأزمة في انهيار ثقة السوق، وأسهمت في تسريع موجات تنظيمية في الولايات المتحدة وأوروبا، بهدف إعادة هيكلة الإطار القانوني لتداول الأصول الرقمية.
كما أدت التحقيقات في القضية إلى اعتقال مؤسس المنصة سام بانكمان-فرايد، الذي وُجّهت إليه تهم جنائية متعددة تشمل الاحتيال المالي وسوء استخدام أموال العملاء.
الأوساط الرقابية تطالب بإصلاحات هيكلية
على إثر هذه التطورات، دعت هيئات الرقابة المالية الأمريكية إلى ضرورة إعادة تنظيم شاملة لقطاع العملات الرقمية. حيث أكدت لجنة الأوراق المالية والبورصات أن نموذج FTX كان مثالًا صارخًا على مخاطر التمركز المؤسسي غير المنظم.
وقد دعت اللجنة إلى فرض معايير محاسبية صارمة، وإلزام المنصات الرقمية بتوفير شفافية كاملة حول آليات حفظ الأصول والتدقيق الداخلي، بهدف حماية المستثمرين من الانهيارات المستقبلية.
مستقبل غامض ولكن هناك بصيص من الأمل
رغم حجم الكارثة، يرى بعض المراقبين أن هذه الأزمة قد تشكّل نقطة تحول إيجابية. فبفضل ما كشفته من ثغرات هيكلية، بدأت المؤسسات التنظيمية والحكومات حول العالم بوضع تشريعات أكثر صرامة وتنظيمًا.
كما أبدت بعض الجهات الاستثمارية استعدادها لإعادة الانخراط في سوق العملات الرقمية، شريطة توفر إطار قانوني يحمي أموالهم من تكرار التجارب المؤلمة مثل FTX.
