محلل صيني يتنبأ بقفزة غير مسبوقة لسوق العملات المستقرة نحو تريليون دولار
ثقة استراتيجية صينية تتنامى حول مستقبل العملات المستقرة عالميًا
في ضوء التغيرات الهيكلية التي يشهدها النظام المالي العالمي، برزت العملات المستقرة كأحد أهم الأعمدة الناشئة في اقتصاد المستقبل الرقمي. وفي تصريح لافت يحمل دلالات استراتيجية، أكد محلل صيني بارز أن سوق العملات المستقرة يتجه بخطى ثابتة نحو بلوغ حاجز التريليون دولار خلال الفترة المقبلة.
بيانات رسمية تكشف نموًا متسارعًا في سوق العملات المستقرة
أوضح الخبير المالي “جيفري كاو”، كبير المحللين في شركة الأبحاث الصينية “كريبتو ليت”، أن النمو في سوق العملات المستقرة يُظهر مؤشرات حيوية تؤكد توجهًا طويل الأمد نحو الاعتماد عليها كأداة مالية مركزية في الاقتصاد الرقمي. وتشير البيانات المجمعة إلى أن القيمة السوقية للعملات المستقرة تجاوزت 160 مليار دولار في الوقت الراهن، مدفوعة بتزايد استخداماتها في منصات التداول والتمويل اللامركزي (DeFi).
القوى العالمية تتسابق لتنظيم العملات المستقرة
أشار كاو إلى أن العديد من القوى العالمية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والصين، باتت تنظر للعملات المستقرة كجزء أساسي من بنيتها المالية الجديدة. وقد شهدنا في الأشهر الأخيرة جهودًا مكثفة من جانب الجهات التنظيمية الأمريكية لسن قوانين جديدة تحكم إصدار العملات المستقرة وتداولها.
في المقابل، تعمل الصين عبر مبادرات رسمية لتوسيع نطاق استخدام اليوان الرقمي، في وقت تشهد فيه السوق طلبًا متزايدًا على العملات المستقرة المدعومة بالدولار مثل USDT وUSDC.
محفزات رئيسية تدفع السوق نحو التوسع
يرى كاو أن هناك عدة عوامل رئيسية ستدفع سوق العملات المستقرة إلى تجاوز حاجز التريليون دولار خلال السنوات المقبلة، من أبرزها:
-
الاعتماد المؤسسي المتزايد: بدأت العديد من البنوك الاستثمارية وصناديق التحوط باعتماد العملات المستقرة كأداة تحوط ضد تقلبات السوق التقليدية.
-
التوسع في التمويل اللامركزي: تشير تقارير تقنية إلى أن نسبة كبيرة من السيولة في بروتوكولات DeFi تعتمد على العملات المستقرة، ما يرسخ مكانتها في النظام المالي الجديد.
-
النمو في الأسواق الناشئة: تشهد العديد من الاقتصادات النامية ارتفاعًا ملحوظًا في استخدام العملات المستقرة كبديل آمن للعملات المحلية التي تعاني من تقلبات حادة أو انخفاض في قيمتها الشرائية.
-
ابتكار تقني متسارع: من المتوقع أن يسهم تطور البنية التحتية لسلاسل الكتل (blockchain) في تسريع عمليات إصدار واستقرار العملات المستقرة، ما يعزز من ثقة المستخدمين بها.
هل تهيمن العملات المستقرة على المشهد المالي العالمي؟
يشير التقرير الصيني إلى أن العملات المستقرة قد تصبح “الوسيلة المالية المفضلة” في الاقتصاد الرقمي القادم، خاصة في ظل تنامي الحاجة إلى وسائل دفع سريعة، موثوقة، وغير خاضعة لمخاطر تقلب الأسعار الحادة كما في العملات المشفرة التقليدية.
كما أشار كاو إلى أن الهيمنة الحالية للدولار الأمريكي في سوق العملات المستقرة تعطي الولايات المتحدة أفضلية استراتيجية واضحة في هذا المجال، لكنها قد تواجه منافسة من عملات مستقرة بديلة مدعومة بعملات أخرى أو بأصول مادية مثل الذهب.
الصين تخطط لابتكار عملتها المستقرة الخاصة
من جهة أخرى، كشف التقرير أن هناك جهودًا صينية حثيثة لتطوير عملة مستقرة محلية تكون موازية لليوان الرقمي، لكنها تعتمد على آلية مستقلة وشفافة مدعومة بأصول نقدية ملموسة. ويُعتقد أن هذا النموذج سيُحدث توازنًا في سوق العملات المستقرة التي يهيمن عليها الدولار حاليًا بنسبة تزيد عن 90%.
تحديات تنظيمية ما زالت قائمة
ورغم التفاؤل الكبير، فإن التقرير أشار أيضًا إلى وجود تحديات قانونية وتنظيمية قد تُبطئ من وتيرة نمو سوق العملات المستقرة، ومن أبرزها:
-
الغموض القانوني في العديد من الدول حول كيفية تصنيف العملات المستقرة.
-
صعوبة ضمان الشفافية في الاحتياطيات التي تدعم تلك العملات.
-
مخاطر الاختراقات التقنية التي قد تهدد أمن البنية التحتية الرقمية للعملات المستقرة.
تحذيرات رسمية من الاعتماد الكلي دون تنظيم
وفي سياق متصل، أصدرت عدة جهات تنظيمية حول العالم، بما في ذلك بنك التسويات الدولية (BIS)، تحذيرات من مغبة الاعتماد الكلي على العملات المستقرة في غياب الأطر القانونية والتنظيمية المناسبة. ودعا التقرير إلى ضرورة وجود تعاون دولي لصياغة معايير موحدة تحكم هذا السوق الناشئ.
مستقبل العملات المستقرة في ظل التحول الرقمي العالمي
مع استمرار تحول النظام المالي العالمي نحو الرقمية، تزداد أهمية وجود عملات مستقرة تتمتع بالثقة، السيولة، والانضباط المالي. ويرى العديد من المحللين أن سوق العملات المستقرة قد يصبح أحد الركائز الأساسية للنظام المالي الجديد، إلى جانب الأصول الرقمية الأخرى والعملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC).
ختامًا، فإن التصريحات الصينية الأخيرة حول سوق العملات المستقرة تعكس إدراكًا متزايدًا بأهمية هذا القطاع، وتؤكد أن المعركة المقبلة بين القوى الاقتصادية العالمية لن تكون فقط على الموارد أو النفوذ الجيوسياسي، بل على من يملك السيطرة على مستقبل النقود الرقمية.