محللون: صعود حاد في العملات البديلة بينما تظل هيمنة البيتكوين راسخة في مكانها
في تطور لافت في الأسواق الرقمية العالمية، شهدت العملات البديلة (Altcoins) مؤخرًا موجة صعود قوية، مما أعاد الزخم إلى قطاعات كانت في حالة ركود نسبي. ومع ذلك، تُشير البيانات المُستقاة من منصات التداول الكبرى إلى أن هيمنة البيتكوين، والتي تُعد العملة الرقمية الرئيسية، ما زالت تفرض نفسها دون تراجع يُذكر، وهو ما يُثير تساؤلات مهمة حول مآلات المرحلة المقبلة.
زخم غير مسبوق في سوق العملات البديلة وسط حركة هادئة للبيتكوين
وفقًا لتحليلات متقدمة نُشرت مؤخرًا، تبيّن أن عددًا من العملات الرقمية البديلة حققت مكاسب مزدوجة خلال الساعات الأخيرة. وقد تصدرت العملات مثل Solana وPolygon وChainlink قائمة الارتفاعات بنسبة تجاوزت 10% في بعض الحالات، مستفيدة من تحسن المؤشرات التقنية وتزايد السيولة في المحافظ الفردية والمؤسساتية على حد سواء.
لكن وعلى الرغم من هذه القفزة القوية، إلا أن عملة البيتكوين حافظت على هيمنتها الواضحة، مُسيطرة على نحو 52% من إجمالي القيمة السوقية للعملات الرقمية، حسب آخر بيانات CoinMarketCap. ويُعد هذا الثبات في الهيمنة علامة واضحة على استمرار ثقة المستثمرين بالبيتكوين كمخزن رئيسي للقيمة الرقمية.
مؤشرات السوق: تراجع في حجم تداول البيتكوين وارتفاع في تقلبات العملات البديلة
رغم أن البيتكوين لم تُسجل ارتفاعات حادة مؤخرًا، إلا أن انخفاض أحجام التداول اليومية بنسبة 8% يُشير إلى ميل المستثمرين نحو المخاطرة. وبالتزامن مع هذا، ارتفع مؤشر التقلب الخاص بالعملات البديلة بنسبة 14%، وهو ما يُظهر تحولات نفسية وسلوكية لدى المتداولين تجاه فئة الأصول الرقمية ذات القيمة السوقية الصغيرة والمتوسطة.
ويرى المحلل الرقمي الشهير، راشوهن باتيل، أن هذا التغيير في سلوك السوق قد لا يكون مؤقتًا، بل يُمكن أن يُشكل بداية دورة جديدة من هيمنة العملات البديلة، ولكن ضمن حدود مرسومة بدقة من قبل أداء البيتكوين الكلي.
تحليلات فنية: إشارات شراء على معظم الرسوم البيانية للألتكوينز
من الناحية الفنية، تُظهر أغلب الرسوم البيانية للعملات البديلة إشارات إيجابية صريحة، حيث تم كسر مستويات مقاومة سابقة وتم تشكيل نماذج استمرارية صعودية. وعلى سبيل المثال، اخترقت عملة AVAX حاجز 28 دولارًا، وهو مستوى مقاومة قوي كان قد أوقف الصعود في مناسبات سابقة.
وتُشير التحليلات إلى أن استمرار تدفق الأموال إلى هذه العملات، وخاصة من خلال العقود الآجلة ومشتقات التمويل اللامركزي، من شأنه أن يُعزز الاتجاه التصاعدي العام. ومع ذلك، تبقى احتمالات التراجع واردة في أي لحظة، خاصة إذا ارتفعت الفائدة الأمريكية أو صدر تحذير تنظيمي جديد.
استقرار البيتكوين يُعزز ثقة الأسواق رغم غياب الزخم السعري
على الرغم من أن البيتكوين لم تُسجل حركات سعرية لافتة مؤخرًا، إلا أن استقرارها فوق مستويات دعم قوية يُعتبر عاملًا طمأنينة للأسواق. ويُفسر بعض المحللين هذا الاستقرار على أنه دليل نضوج في السوق، حيث لم تعد العملات الرقمية تتحرك جماعيًا، بل أصبحت تُعبر عن قواها الذاتية.
كما أن بقاء البيتكوين ضمن نطاق 60,000 إلى 62,500 دولارًا منذ عدة أيام يُوحي باستعداد السوق لحركة قوية قادمة، والتي قد تكون إما انطلاقة جديدة نحو القمة أو تصحيحًا مؤقتًا.
ماذا بعد؟ الترقب سيد الموقف قبل بيانات التضخم الأمريكية
يرتبط مصير العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين والعملات البديلة، بشكل وثيق بالتوجهات الاقتصادية العامة، خصوصًا مع اقتراب صدور بيانات التضخم الأمريكية المرتقبة. ويتوقع بعض المحللين أن أي إشارة إلى تراجع التضخم قد تُطلق موجة صعود جديدة، مدعومة بتوقعات خفض أسعار الفائدة خلال الربع الرابع من 2025.
ومن هذا المنطلق، يُنصح المستثمرون بالتريث في اتخاذ قراراتهم، مع مراعاة أن السيولة العالية في السوق قد تؤدي إلى تقلبات حادة، خاصة في حال ظهرت أخبار تنظيمية من جهات مثل هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC) أو البنك الاحتياطي الفيدرالي.
خلاصة المشهد: عملات بديلة تنطلق بثقة لكن تحت مظلة البيتكوين
من الواضح أن العملات البديلة تستفيد من تحركات فردية وتحسينات تقنية وموجات شراء مضاربية، لكن تبقى هيمنة البيتكوين هي العامل الأساسي في توجيه دفة السوق العامة. لذلك، فإن صعود العملات البديلة لا يمكن فصله عن ثبات البيتكوين، والذي يُعطي للأسواق قاعدة استقرار نفسية وتقنية بالغة الأهمية.
وفي ضوء هذا التوازن المعقد بين الأمل والخوف، وبين الصعود الحذر والتصحيح المحتمل، تُصبح المتابعة الدقيقة والتقييم الفني والتحليل الإخباري أدوات لا غنى عنها لكل مستثمر يسعى لاتخاذ قرار عقلاني ومدروس في سوق تتقلب بحجم تغريدة.
