شركات كبرى تعزز احتياطياتها من العملات الرقمية: إيثريوم وريبل وسولانا في صدارة استراتيجيات الخزينة
تحول لافت في سياسات الخزينة المالية للشركات العامة يسلط الضوء على نضج سوق الأصول الرقمية
في تطور يعكس التحول التدريجي في العقلية المؤسسية تجاه الأصول الرقمية، سجلت شركات عامة عدة حول العالم زيادة واضحة في احتياطياتها من العملات المشفرة، مع التركيز بشكل خاص على عملات مثل إيثريوم (ETH)، وريبل (XRP)، وسولانا (SOL). يأتي هذا التحول ضمن استراتيجيات مالية متقدمة تهدف إلى تنويع محافظ الخزينة وتقليل الاعتماد على الأصول التقليدية.
بحسب تقرير نشره موقع CryptoNews، فإن شركة “Animoca Brands” التي تتخذ من هونغ كونغ مقرًا لها، تُعد إحدى أبرز الجهات التي قادت هذا التوجه. فقد أعلنت الشركة عن توسع استثماراتها في الأصول الرقمية عبر خزينة الشركة الرسمية، مؤكدة التزامها بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية المرتبطة بتقنية Web3، إضافة إلى الأصول المشفرة الرئيسية.
Animoca Brands: استراتيجية خزينة مبنية على Web3 والعملات الرقمية
تُعرف شركة “Animoca Brands” بأنها من أبرز الجهات الداعمة لتقنية Web3 وقطاع الميتافيرس. وفي تقريرها نصف السنوي الأخير، أفادت الشركة بأنها تمتلك أكثر من 3,000 عملة إيثريوم، إلى جانب كميات كبيرة من رموز APE، وSAND، وMATIC، وTOWER، إضافة إلى حصص متعددة في منصات لا مركزية ومشاريع بلوكتشين ناشئة.
وأكدت الشركة أن جزءًا من هذه الأصول يتم الاحتفاظ به في الخزينة كمخزون استراتيجي، بينما يتم استخدام جزء آخر لدعم المبادرات البيئية وتطوير البنية التحتية الرقمية. ويُعد هذا التوجه مثالًا على كيفية اعتماد الشركات على الأصول الرقمية كأدوات سيولة واستثمار استراتيجي.
توسع عالمي في تبني العملات الرقمية ضمن الخزائن المؤسسية
ليست “Animoca Brands” وحدها من تبنت هذا النهج الجديد. بل تشير بيانات السوق إلى أن عددًا متزايدًا من الشركات العامة بدأ في تخصيص جزء من احتياطياته المالية لشراء العملات المشفرة، وعلى رأسها إيثريوم وبيتكوين وسولانا.
وفقًا لمنصة “CoinGecko”، ارتفعت نسبة الشركات المحتفظة بإيثريوم خلال عام 2024 بنسبة 18٪ مقارنة بالعام السابق، في حين ارتفعت احتياطيات XRP بنسبة 12٪، وسولانا بنسبة 9٪. وتُعزى هذه الزيادات إلى عوامل متعددة، من بينها استقرار الأسعار النسبي، وتنامي ثقة المستثمرين المؤسساتيين، واللوائح التنظيمية التي أصبحت أكثر وضوحًا في أسواق رئيسية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
دوافع التحول: التنويع والتحوط ومواكبة التحول الرقمي
يتفق محللون ماليون وخبراء في أسواق الأصول الرقمية على أن هذا التحول في استراتيجيات الخزينة لا يأتي من فراغ. إذ تسعى الشركات إلى تنويع أصولها بعيدًا عن النقد التقليدي المعرض للتضخم، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية العالمية المضطربة.
كما أن العملات الرقمية توفر إمكانية الوصول السريع إلى السيولة، مع إمكانيات تحقيق عوائد تفوق متوسطات الأسواق التقليدية. ويُضاف إلى ذلك عنصر التحوط ضد تقلبات العملات الورقية، لا سيما في الاقتصادات التي تشهد انخفاضًا في قيمة عملتها المحلية.
العملات البديلة تفرض نفسها بقوة إلى جانب بيتكوين
لطالما هيمنت بيتكوين على مشهد الاحتياطيات المؤسسية، إلا أن الأشهر الأخيرة أظهرت توجهًا متزايدًا نحو العملات البديلة. إذ باتت إيثريوم تُستخدم بشكل واسع في التطبيقات اللامركزية، واحتلت مكانة مركزية في النظام البيئي لتقنية Web3.
في المقابل، تواصل ريبل تعزيز مكانتها في قطاع التحويلات المالية العالمية، رغم التحديات القانونية التي تواجهها في الولايات المتحدة. أما سولانا، فنجحت في إثبات جدارتها كمنصة عالية السرعة والكفاءة، ما يجعلها جذابة للمستثمرين الباحثين عن حلول بلوكتشين قابلة للتوسع.
الشفافية والمساءلة: عامل حاسم في تبني العملات الرقمية
رغم الإقبال المتزايد، تبقى مسألة الشفافية أمرًا بالغ الأهمية. حيث تؤكد الشركات العامة على ضرورة الإبلاغ الدوري عن أصولها الرقمية ضمن بياناتها المالية، بما يتوافق مع المعايير المحاسبية الدولية.
وفي هذا الإطار، دعت مؤسسات رقابية في أوروبا وآسيا إلى وضع إرشادات واضحة بشأن الإفصاح عن العملات المشفرة في ميزانيات الشركات، وذلك لضمان حماية المستثمرين وتعزيز الثقة العامة.
التوقعات المستقبلية: ازدهار استثمارات Web3 ودمج العملات الرقمية في الميزانيات العامة
تشير التقديرات إلى أن السنوات القادمة ستشهد تسارعًا في دمج الأصول الرقمية ضمن الخزائن المؤسسية، لا سيما في ظل توجه البنوك المركزية نحو إطلاق عملات رقمية سيادية، وتزايد انتشار حلول الدفع المعتمدة على البلوكتشين.
كما يُتوقع أن تقوم الحكومات نفسها بدراسة سبل استخدام العملات الرقمية ضمن صناديقها السيادية أو في مشاريع البنية التحتية الرقمية، ما من شأنه تعزيز تبني المؤسسات الخاصة لهذا النهج.
الختام: واقع جديد يفرض نفسه في النظام المالي العالمي
في ضوء هذه التطورات، يتضح أن العملات الرقمية لم تعد أداة مضاربة فحسب، بل تحولت إلى مكون أساسي في الاستراتيجيات المالية للشركات الرائدة. ومع تسارع الابتكار التقني، وتنامي الثقة المؤسسية، يبدو أن الاحتفاظ بالأصول الرقمية ضمن الخزائن قد أصبح توجهًا لا رجعة فيه.
وفيما تواصل الجهات التنظيمية سعيها نحو إحكام الرقابة وتوفير الأطر القانونية المناسبة، فإن مستقبل التمويل المؤسسي يبدو مرشحًا لمزيد من التكامل بين النظام المالي التقليدي وعالم العملات الرقمية.
