في تطور لافت في مجال تنظيم الأصول الرقمية في الولايات المتحدة، كشفت تقارير إعلامية عن دعم غير معلن قدمه رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية السابق، غاري جينسلر، لمشروع قانون تنظيمي للعملات الرقمية، رغم مواقفه العلنية المتشددة تجاه هذا القطاع. هذا التناقض بين التصريحات العامة والدعم الخفي يثير تساؤلات حول استراتيجيات التنظيم والشفافية في التعامل مع الابتكارات المالية الحديثة
خلفية عن غاري جينسلر ومواقفه التنظيمية
تولى غاري جينسلر رئاسة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) في أبريل 2021، حيث اعتمد نهجًا صارمًا في تنظيم سوق العملات الرقمية. خلال فترة ولايته، اتبعت الهيئة سياسة “التنظيم من خلال الإنفاذ”، مما أدى إلى رفع العديد من الدعاوى القضائية ضد شركات العملات الرقمية الكبرى مثل كوينبيس وكراكن. وقد تعرض هذا النهج لانتقادات واسعة من قبل المشرعين والشركات على حد سواء، الذين اعتبروا أن غياب إطار تنظيمي واضح يعيق الابتكار ويزيد من حالة عدم اليقين في السوق.
مشروع قانون FIT21 ودور باتريك مكهنري
في محاولة لمعالجة الفجوات التنظيمية، قدم رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، باتريك مكهنري، مشروع قانون “الابتكار المالي للتكنولوجيا في القرن الحادي والعشرين” (FIT21). يهدف هذا المشروع إلى وضع إطار تنظيمي شامل للأصول الرقمية، يوازن بين حماية المستثمرين وتشجيع الابتكار. وقد حظي المشروع بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مما يعكس الحاجة الملحة لتنظيم هذا القطاع المتنامي
الدعم غير المعلن من جينسلر لمشروع FIT21
على الرغم من مواقفه العلنية المتشددة، كشفت تقارير إعلامية عن دعم غير معلن قدمه جينسلر لمشروع FIT21. وفقًا لمصادر مطلعة، أجرى جينسلر محادثات خاصة مع مكهنري وأعرب عن تأييده لبعض جوانب المشروع، خاصة تلك المتعلقة بتحديد صلاحيات الهيئة في تنظيم الأصول الرقمية. هذا الدعم الخفي يتناقض مع تصريحاته العلنية التي شدد فيها على ضرورة إخضاع معظم العملات الرقمية لقوانين الأوراق المالية القائمة.
ردود الفعل على التناقض في مواقف جينسلر
أثار التناقض بين المواقف العلنية والدعم الخفي لجينسلر ردود فعل متباينة. فقد اعتبر بعض المراقبين أن هذا التناقض يعكس محاولة جينسلر للتوفيق بين الضغوط السياسية والواقع التنظيمي المعقد. في المقابل، رأى آخرون أن هذا السلوك يفتقر إلى الشفافية ويقوض الثقة في الهيئة التنظيمية. كما تساءل البعض عن مدى تأثير هذا التناقض على مصداقية الهيئة في المستقبل.
التغييرات في قيادة الهيئة بعد استقالة جينسلر
في يناير 2025، استقال جينسلر من منصبه، وتم تعيين بول أتكينز رئيسًا جديدًا للهيئة. أعلن أتكينز عن تبني نهج أكثر توازنًا في تنظيم الأصول الرقمية، مؤكدًا على أهمية توفير إطار تنظيمي واضح يدعم الابتكار ويحمي المستثمرين. وقد أشار إلى أن السياسات السابقة أدت إلى حالة من عدم اليقين وأثرت سلبًا على تطور السوق.
مستقبل تنظيم الأصول الرقمية في الولايات المتحدة
مع التغييرات في قيادة الهيئة وتقديم مشروع FIT21، يبدو أن الولايات المتحدة تتجه نحو تبني إطار تنظيمي أكثر وضوحًا وتوازنًا للأصول الرقمية. من المتوقع أن يسهم هذا التوجه في تعزيز الثقة في السوق وتشجيع الابتكار، مع ضمان حماية المستثمرين من المخاطر المحتملة. ومع ذلك، يبقى من الضروري مراقبة كيفية تنفيذ هذه السياسات والتأكد من التزام الجهات التنظيمية بالشفافية والعدالة في تعاملها مع هذا القطاع الحيوي.