باكستان والسلفادور تعلنان تحالفًا رقميًا لتعزيز الاعتماد العالمي للعملات المشفرة
اتفاقية استراتيجية تاريخية تربط بين جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية برؤية رقمية موحدة
في خطوة غير مسبوقة تعكس التغيرات الجذرية في المشهد الاقتصادي العالمي، أعلنت جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية السلفادور، رسميًا، عن توقيع مذكرة تفاهم تهدف إلى توسيع آفاق التعاون في مجالات الابتكار الرقمي وتكنولوجيا البلوكتشين والعملات المشفرة.
وقد جرت مراسم توقيع الاتفاقية التاريخية في مدينة سان سلفادور، بحضور وفود رسمية رفيعة المستوى من كلا البلدين، ضمّت ممثلين عن الحكومات والقطاعات التقنية والمبادرات الريادية ذات الصلة بالأصول الرقمية.
هدف مشترك لتمكين الاقتصاد الرقمي من الجنوب العالمي
تهدف الاتفاقية إلى خلق منصة تعاون متعددة الأبعاد، تركز على تعزيز الابتكار المالي وتبادل الخبرات في مجال العملات الرقمية، بالإضافة إلى تطوير مشاريع مشتركة ترتكز على البنية التحتية الرقمية الحديثة.
وقد أوضح ممثل الحكومة الباكستانية، الدكتور سلمان داد، أن هذه الخطوة تعكس طموح باكستان في أن تكون ضمن الدول الرائدة في تبني الأصول الرقمية، مؤكدًا أن التجربة الريادية للسلفادور ستُعدّ نموذجًا ملهمًا يمكن تكييفه ضمن السياق الاقتصادي الباكستاني.
في المقابل، رحب سفير السلفادور الجديد لدى باكستان، فيديريكو أنوديز، بهذا التعاون، مشيرًا إلى أن تبادل المعرفة والتكنولوجيا بين الدولتين سيمنح دفعة قوية للنمو الاقتصادي الرقمي في كلا البلدين.
مركز السلفادور “بيتكوين أوفيس” يلعب دورًا محوريًا
تُعد السلفادور أول دولة في العالم تعترف رسميًا بعملة “البيتكوين” كعملة قانونية. وقد أسست “مكتب البيتكوين” تحت إشراف الرئاسة، ليكون الجهة التنسيقية الرسمية لسياسات الأصول الرقمية.
من خلال هذه الاتفاقية، سيلعب “بيتكوين أوفيس” دورًا رئيسيًا في تقديم الدعم الفني والتشريعي لنظرائه في باكستان، عبر ورش عمل ومبادرات مشتركة تهدف إلى تطوير الأطر التنظيمية والبنية التحتية التكنولوجية المرتبطة بالأصول الرقمية.
دعم سياسي وتنظيمي يعزز الثقة في الشراكة
أبرز ما يميز هذه الشراكة هو توافق الرؤى السياسية والتنظيمية بين الجانبين. إذ أكد الطرفان التزامهما الكامل بتبني سياسات اقتصادية رقمية شفافة ومستدامة، تراعي المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
كما أشار بيان رسمي صادر عن مكتب رئيس السلفادور إلى أن هذه المبادرة تُعد خطوة أولى ضمن سلسلة من التحالفات الاستراتيجية التي تسعى السلفادور إلى بنائها مع دول الجنوب العالمي، بهدف تعزيز اقتصاد البيتكوين وتعزيز مبدأ الشمول المالي العالمي.
إمكانات واعدة لتحول اقتصادي متكامل
من المتوقع أن تفتح هذه الشراكة الباب أمام فرص جديدة للتعاون في مجالات متعددة، تشمل تطوير المحافظ الرقمية الوطنية، وإنشاء شبكات تحويل عبر الحدود قائمة على تقنية البلوكتشين، إضافة إلى إطلاق برامج تعليمية مشتركة لتعزيز الثقافة الرقمية بين المواطنين في كلا البلدين.
وأكدت شخصيات مصرفية ومؤسسات مالية في باكستان أن هذا التحالف يمثل تحولًا نوعيًا في السياسة المالية للدولة، لاسيما في ظل اهتمام متزايد من فئات الشباب والشركات الناشئة بتبني حلول التمويل اللامركزي والاقتصاد الرقمي.
باكستان على خطى السلفادور… ولكن بحذر مدروس
رغم الحماس الكبير المصاحب لهذا الإعلان، فإن الخبراء حذروا من تحديات محتملة تتعلق بالبيئة التنظيمية في باكستان، التي لا تزال تتسم بعدم الاستقرار فيما يخص تنظيم الأصول الرقمية.
وقد أكدت وزارة المالية الباكستانية أن أي مشروع متعلق بالعملات المشفرة سيخضع لمراجعة دقيقة من الجهات الرقابية المختصة، بما يشمل البنك المركزي وهيئة تنظيم الأوراق المالية، لضمان توافقه مع التوجهات الوطنية للأمن المالي والاستقرار النقدي.
أصداء دولية وشبهات بتأثير سياسي أوسع
أثارت هذه الاتفاقية تفاعلًا دوليًا واسعًا، إذ يرى بعض المحللين أنها قد تشكل بداية لتحالفات جيو-اقتصادية جديدة تعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي، بعيدًا عن مراكز النفوذ التقليدية.
ويرى آخرون أن هذا النوع من التعاون بين دول الجنوب العالمي، في ظل التوترات الجيوسياسية القائمة، يحمل دلالات استراتيجية تتجاوز الجانب التقني أو المالي، ويعكس توجهًا نحو بناء نظام مالي عالمي أكثر توازنًا وشمولية.
المجتمع التقني يرحب بالخطوة ويترقب النتائج
من جانبه، عبّر مجتمع مطوري البلوكتشين والعملات المشفرة في آسيا وأمريكا اللاتينية عن ترحيبه بهذه المبادرة، معتبرين أن توحيد الجهود بين باكستان والسلفادور يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في مشهد التبني العالمي لتكنولوجيا البلوكتشين.
ويتوقع مراقبون أن تسهم هذه الاتفاقية في رفع معدلات الابتكار داخل النظم التعليمية والاقتصادية، ما سيعزز من مكانة البلدين كوجهتين جاذبتين للاستثمار الرقمي العالمي.
