تيثر توسّع شراكتها مع شبكة INHOPE لمحاربة استغلال الأطفال عبر الإنترنت
التزام رسمي من قطاع العملات الرقمية بحماية الأطفال ومكافحة الجريمة الرقمية
في خطوة تعكس الالتزام المتزايد من قطاع العملات الرقمية بالمسؤولية الاجتماعية، أعلنت شركة “تيثر” (Tether) – الجهة المصدرة لأكبر عملة رقمية مستقرة في العالم (USDT) – عن توسيع شراكتها الاستراتيجية مع شبكة INHOPE العالمية. هذه الشبكة تمثل تحالفًا دوليًا من المؤسسات المعنية بمكافحة استغلال الأطفال عبر الإنترنت، وتحديدًا ما يُعرف بالصور ومقاطع الفيديو غير القانونية المرتبطة بهذه الجرائم.
وبحسب بيان رسمي نُشر على الموقع الإلكتروني لشركة تيثر، فإن هذه الخطوة تأتي استمرارًا للتعاون الذي بدأ عام 2023 بين الطرفين، والذي يهدف إلى بناء آليات فعالة لرصد ومكافحة تمويل الجرائم الرقمية ذات الطابع الجنسي ضد القُصّر.
توسيع الحماية لتشمل أقاليم جديدة في العالم
في إطار هذا التعاون المعمّق، ستعمل شركة تيثر على دعم شبكة INHOPE في تطوير بنيتها التقنية وتوسيع تغطيتها الجغرافية، لا سيما في مناطق آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث تفتقر بعض الدول إلى البنية التحتية الرقمية اللازمة لرصد ومنع المحتوى غير القانوني المتعلق باستغلال الأطفال.
وقد أشارت الشركة إلى أهمية هذه الخطوة في “ردم الفجوة الرقمية بين الدول”، مؤكدة أن تمكين السلطات المحلية والجهات التقنية في الدول النامية من التصدي لهذه الجرائم يعد أولوية أخلاقية ومسؤولية جماعية.
التعاون المعلوماتي: جوهر الشراكة المتقدمة
تتضمن الشراكة بين تيثر وINHOPE تطوير قنوات تبادل معلومات فورية وآمنة، تسمح بتحديد الأنشطة المالية المرتبطة بالمحتوى الجنسي غير القانوني للأطفال عبر شبكات البلوكتشين. وتمكّن هذه القنوات المحققين الجنائيين من تتبع حركة الأموال عبر العناوين الرقمية، والوصول إلى الشبكات الإجرامية التي تستغل هذه التقنيات الحديثة.
وتعليقًا على هذه التطورات، قال باولو أردوينو، المدير التنفيذي لشركة تيثر:
“نحن ملتزمون بحماية الأفراد، وخاصة القُصّر، من الاستغلال الرقمي. هذه الشراكة تعزز قدرتنا على مواجهة التهديدات الأخلاقية والجنائية التي تنتشر عبر الإنترنت باستخدام العملات المشفرة.”
توظيف البلوكتشين في مكافحة الجريمة الرقمية
لطالما رُوّج لتقنية البلوكتشين باعتبارها أداة للشفافية، غير أن البعض استخدمها لأغراض إجرامية. ومن هنا تأتي أهمية تحالف تيثر مع INHOPE، إذ إن الجمع بين الشفافية الرقمية والخبرة الجنائية يوفر أدوات دقيقة لرصد النشاطات المشبوهة.
وبما أن عملة USDT تُستخدم في ملايين المعاملات يوميًا حول العالم، فإن التعاون مع شبكة INHOPE يتيح تتبع تدفقات الأموال المشبوهة وربطها بالمحتوى غير القانوني، مع الحفاظ على حقوق المستخدمين النظاميين.
مكافحة الجريمة على مستوى البنية التحتية العالمية
شبكة INHOPE تضم أكثر من 50 مركزًا متخصصًا في الإبلاغ عن المحتوى غير القانوني، موزعة على 46 دولة حول العالم. ويتيح التعاون مع تيثر لهذه الشبكة الوصول إلى تحليلات عميقة تعتمد على البيانات المأخوذة من سلاسل الكتل (blockchains)، بما يمكّن من الكشف المبكر عن الشبكات الإجرامية التي تستغل الأطفال.
كما ستُستخدم هذه التحليلات في تدريب جهات إنفاذ القانون، وتوفير الدعم التقني للمنظمات المعنية بحقوق الطفل، مما يعزز البنية التحتية العالمية في وجه الجرائم الرقمية.
التزام تيثر بمبادئ الحوكمة الأخلاقية
تشدد تيثر على التزامها الكامل بالحوكمة الأخلاقية، ومكافحة إساءة استخدام عملتها الرقمية في أي أنشطة غير قانونية. وقد اتخذت الشركة عدة خطوات استباقية خلال العامين الماضيين، من بينها التعاون مع جهات إنفاذ القانون العالمية، وتجميد أموال تُستخدم في عمليات احتيال أو تمويل غير مشروع.
ويعد توسيع هذه الشراكة مع INHOPE استمرارًا لمسار واضح نحو تعزيز الأمن الرقمي، وتحويل العملات المشفرة إلى أدوات مسؤولة تدعم حقوق الإنسان بدلاً من أن تُستغل في انتهاكها.
مسؤولية جماعية تتطلب التزامًا مؤسسيًا
تعكس هذه الخطوة من تيثر تحولًا نوعيًا في ثقافة شركات العملات الرقمية، من التركيز على الربح إلى تحمل المسؤولية الأخلاقية. فالوقوف في وجه استغلال الأطفال ليس مهمة مؤسسات إنفاذ القانون وحدها، بل يتطلب دعمًا تقنيًا ومعلوماتيًا من الشركات الكبرى.
كما يمثل هذا التحرك دعوة لباقي شركات العملات الرقمية لتبنّي سياسات مماثلة، والانضمام إلى الجهود العالمية في التصدي للجرائم الرقمية الخطيرة.
العالم الرقمي يحتاج إلى تحالفات إنسانية
في عصر تُنقل فيه الجرائم إلى منصات رقمية، تصبح التحالفات الإنسانية بين القطاع الخاص والمنظمات الدولية ضرورة حتمية. فبدون هذه الشراكات، تبقى أدوات التحقيق عاجزة عن ملاحقة مجرمين يتنقلون بمرونة بين المنصات الرقمية، ويستغلون أدوات التشفير في إخفاء هويتهم.
ومن هنا تأتي أهمية الإعلان الأخير من تيثر، والذي يمثل أكثر من مجرد شراكة تقنية، بل يعكس توجهًا نحو تعزيز حماية الأطفال في البيئة الرقمية، وضمان ألا تكون العملات الرقمية ملاذًا آمنًا للمجرمين.
