ترامب يجمع أكثر من 26 مليون دولار من التبرعات بالعملات الرقمية في 2024… هل تغير الكريبتو خريطة التمويل السياسي الأمريكي؟
بيانات رسمية تكشف قفزة غير مسبوقة في التبرعات الرقمية لحملة ترامب
أظهرت تقارير الإفصاح المالي الرسمية لحملة الرئيس الأمريكي الأسبق، دونالد ترامب، أن الحملة تلقت أكثر من 26.4 مليون دولار من التبرعات المقدمة عبر العملات المشفرة منذ بداية عام 2024.
وتؤكد هذه البيانات حدوث تحول جوهري في بنية التمويل الانتخابي الأمريكي، خاصة في ظل تنامي استخدام الأصول الرقمية كوسيلة تمويل رسمية ومعترف بها.
العملات الرقمية تدخل المشهد السياسي من الباب العريض
جاء هذا التطور عقب إعلان ترامب في مايو الماضي عن قبوله التبرعات بالعملات الرقمية عبر منصته الانتخابية الرسمية، مما فتح الباب أمام مؤيديه من مجتمع العملات المشفرة لدعمه ماليًا بطرق مبتكرة وآمنة.
وقد شملت العملات الرقمية المقبولة: بيتكوين (Bitcoin)، إيثيريوم (Ethereum)، سولانا (Solana)، إلى جانب عملات مستقرة مثل USDC وUSDT.
يعد هذا القرار سابقة رئاسية في الولايات المتحدة، حيث لم يسبق لأي مرشح رئاسي أن اعتمد العملات المشفرة بشكل رسمي وعلني في إطار تمويل حملته الانتخابية.
قفزة ضخمة في التمويل… ما بين مايو ويونيو فقط
وفقًا للبيانات المقدمة إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية (FEC)، فإن لجنة العمل السياسي المشتركة الداعمة لحملة ترامب، والتي تعرف باسم “Save America”، جمعت ما يزيد عن 2.5 مليون دولار من التبرعات الرقمية خلال شهر يونيو وحده.
وتشير التحليلات إلى أن هذا الرقم يشكل زيادة بنسبة تتجاوز 50% مقارنة بما تم جمعه خلال شهر مايو السابق.
يعكس هذا النمو تسارع تبني التكنولوجيا المالية الجديدة داخل الحملات السياسية، كما يبرز حجم التأييد الذي يحظى به ترامب من مجتمعات الكريبتو.
ترامب يستغل الزخم السياسي للعملات المشفرة
لطالما عبّر ترامب عن موقفه الرافض لتنظيم العملات الرقمية بشكل صارم. بل على العكس، فقد تبنّى خطابًا مؤيدًا لهذه التكنولوجيا خلال حملته الانتخابية الحالية، مما جعله مرشحًا مفضلًا لقطاع واسع من المستثمرين ومطوري البلوكشين.
ويُذكر أن ترامب قد صرح سابقًا أنه في حال فوزه بالرئاسة مجددًا، فإنه سيضمن عدم فرض قيود تنظيمية خانقة على شركات الكريبتو.
كما وعد ترامب أيضًا بإلغاء بعض الإجراءات التي اتخذتها إدارة بايدن بحق بورصات العملات المشفرة، مشيرًا إلى أن الإدارة الحالية “تسعى لخنق الابتكار الرقمي في البلاد”.
مؤسسات وشخصيات كبرى وراء التبرعات
تشير المعلومات المتوفرة إلى أن جزءًا كبيرًا من التبرعات الرقمية تم عبر بوابة “Coinbase Commerce”، وهي منصة متخصصة في تسهيل المدفوعات بالعملات الرقمية.
وقد أفادت تقارير غير رسمية بأن عددًا من كبار المستثمرين في مجال الكريبتو – مثل داعمي شبكة إيثيريوم وبورصة Kraken – قد ساهموا في دعم حملة ترامب عبر تبرعات مباشرة أو من خلال منظمات وسيطة.
إلى جانب ذلك، يلاحظ المراقبون أن هذه التبرعات لم تأت فقط من الولايات المتحدة، بل امتدت إلى مجتمعات مغتربة في آسيا وأوروبا تمتلك محافظ رقمية ضخمة، وترى في فوز ترامب فرصة لتحقيق استقرار تشريعي للأصول الرقمية.
مقارنة صارخة مع حملة بايدن
رغم أن حملة الرئيس الحالي، جو بايدن، لم تعلن رسميًا عن تبني العملات المشفرة كوسيلة تبرع، إلا أن مصادر داخلية أفادت بأن فريقه الانتخابي “يدرس إمكانية اللحاق بركب ترامب” في هذا المجال.
لكن حتى الآن، لا تظهر في تقارير لجنة الانتخابات الفيدرالية أي مؤشرات على تلقي حملة بايدن لتبرعات رقمية مباشرة.
ويخشى محللون أن يؤدي تأخر بايدن في اعتماد التبرعات الرقمية إلى فقدانه جزءًا من دعم شريحة الشباب والمستثمرين الرقميين.
مستقبل الحملات الانتخابية في عصر الكريبتو
تكشف هذه المعطيات أن العملات الرقمية لم تعد حكرًا على الأسواق المالية فحسب، بل تحولت إلى أداة سياسية واقتصادية ذات أثر مباشر في موازين القوى الانتخابية.
ومع ارتفاع عدد الأمريكيين الذين يملكون محافظ رقمية، ومع توسع استخدام شبكات البلوكشين في الحياة اليومية، فإن التحول نحو تمويل الحملات عبر الكريبتو يبدو وكأنه تحول لا رجعة فيه.
ويشير خبراء إلى أن هذه الظاهرة ستدفع الجهات التنظيمية – مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) – إلى إعادة النظر في السياسات المتعلقة بتمويل الحملات والتبرعات الرقمية.
الكريبتو… ورقة سياسية رابحة؟
من المرجح أن تصبح سياسة المرشحين تجاه العملات الرقمية عاملاً حاسمًا في حسم قرارات الناخبين، خاصة فئة الشباب والمهتمين بالتقنيات الناشئة.
وتؤكد استطلاعات رأي حديثة أن ما لا يقل عن 35% من الناخبين تحت سن الأربعين يفضلون المرشحين الذين يتبنون موقفًا داعمًا للتقنيات المالية الحديثة، خاصة البلوكشين والعملات الرقمية.
وبالتالي، فإن حملة ترامب، عبر تبنيها الشامل للكريبتو، قد وضعت نفسها في مقدمة السباق نحو كسب ولاء هذا القطاع الناشئ والواعد.
خاتمة
تبرز قضية التمويل الرقمي لحملات الرئاسة الأمريكية بوصفها واحدة من أهم التحولات الهيكلية في السياسة الأمريكية المعاصرة.
وقد أعاد الرئيس السابق دونالد ترامب تعريف قواعد اللعبة، عبر فتح الباب أمام تبرعات العملات الرقمية وجعلها أداة مركزية في استراتيجيته الانتخابية.
وفي ظل استمرار تزايد التبرعات الرقمية وارتفاع حدة الخطاب المؤيد للكريبتو، يبقى السؤال مفتوحًا: هل سيكون 2024 عام العملات الرقمية في البيت الأبيض؟
