في خطوة لافتة تُسلط الضوء على الحذر التنظيمي المتنامي تجاه الأصول الرقمية، قامت كاتي هوبز، حاكمة ولاية أريزونا، باستخدام حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروعَي قانون يهدفان إلى توسيع نطاق استخدام العملات المشفرة ضمن الولاية. وتضمن أحد المشروعين مقترحًا يقضي برفع سقف السحب النقدي عبر أجهزة الصراف الآلي الخاصة بالبيتكوين إلى أكثر من 2000 دولار.
خلفية القرارات التشريعية في أريزونا
على مدار العام الماضي، شهدت أريزونا نشاطًا متزايدًا من قبل نواب الولاية في مجال التشريعات الخاصة بالعملات المشفرة. وقد تضمن ذلك تقديم عدة مشاريع قوانين تهدف إلى خلق بيئة قانونية مواتية لتداول البيتكوين والعملات المستقرة، ومنح مزايا ضريبية للمستخدمين.
إلا أن حاكمة الولاية عبّرت في عدة مناسبات عن قلقها من تسارع التشريع دون وجود دراسات كافية حول الأثر الاقتصادي والأمني لهذه الإجراءات.
أبرز بنود القوانين التي تم رفضها
أحد مشروعي القانون المُلغى كان ينص على رفع الحد الأقصى لمعاملات أجهزة الصراف الآلي للبيتكوين إلى ما يتجاوز 2000 دولار يوميًا، بدلاً من الحد الحالي. ووفقًا للمشرّعين، فإن هذا التعديل كان من شأنه دعم حرية الأفراد في استخدام الأصول الرقمية.
أما المشروع الثاني، فقد تضمّن توسيع نطاق تعريف العملات الرقمية في القانون المحلي، ما كان سيسمح باستخدامها في عدد من المعاملات الرسمية داخل الولاية، بما في ذلك دفع الرسوم الحكومية.
دوافع الرفض من جانب الحاكمة
في رسالتها الرسمية إلى الهيئة التشريعية، أوضحت الحاكمة كاتي هوبز أن المقترحات، رغم نواياها الإيجابية، تفتقر إلى ضمانات كافية تحمي المستهلكين من المخاطر المرتبطة بالأصول الرقمية، وعلى رأسها تقلبات الأسعار، وانعدام الأطر التنظيمية الفيدرالية الموحدة.
وأضافت أن رفع سقف أجهزة الصراف الآلي قد يُستخدم كقناة لتصريف الأموال المجهولة، أو التهرب من الرقابة المصرفية، مما يُعرض الولاية لمخاطر قانونية وأمنية.
ردود الفعل من الأوساط المؤيدة للعملات الرقمية
لقيت قرارات الحاكمة انتقادات شديدة من مجتمع المستثمرين وروّاد الأعمال في قطاع العملات الرقمية، الذين اعتبروا أن أريزونا تُفوت بذلك فرصة ثمينة للتحول إلى مركز جذب للمشروعات التقنية الناشئة.
كما أعرب بعض النواب الجمهوريين عن نيتهم إعادة طرح مشاريع القوانين في دورة لاحقة، بعد إدخال تعديلات فنية تلبي متطلبات الحاكمة دون التراجع عن الأهداف الأساسية للتشريع.
مستقبل العملات الرقمية في أريزونا
رغم الرفض الحالي، تظل أريزونا من الولايات النشطة في المجال التنظيمي للعملات المشفرة. فقد سبق وأن ناقشت الولاية مشاريع لقوننة العملات المستقرة، والسماح باستخدام البيتكوين في دفع الضرائب.
ويبدو أن التوجه العام في الولاية لا يرفض العملات الرقمية من حيث المبدأ، بل يسعى لإرساء تشريعات متوازنة تُراعي التطور التكنولوجي مع الحفاظ على متطلبات الامتثال الأمني والقانوني.
مقارنة مع ولايات أخرى
الجدير بالذكر أن ولايات مثل تكساس ووايومنغ قد سبقت في تبني سياسات داعمة للعملات الرقمية، من خلال إصدار قوانين تُسهّل الترخيص للشركات الناشئة، وتُحدد قواعد واضحة لاستخدام الأصول الرقمية.
في المقابل، تتبع ولايات أخرى نهجًا أكثر حذرًا، مثل نيويورك وكاليفورنيا، حيث يُشترط الحصول على تراخيص صارمة قبل تشغيل أي منصة لتداول أو حفظ العملات المشفرة.
بين دعم الابتكار والحذر القانوني
تعكس قرارات ولاية أريزونا التحدي الذي يواجهه صانعو السياسات في الولايات المتحدة: كيف يمكن دعم الابتكار التكنولوجي دون المساس بالأمن المالي والمجتمعي؟
ورغم أن الفيتو الحالي قد يُبطئ خطوات الولاية نحو التحول الرقمي، إلا أنه يفتح بابًا مهمًا للنقاش حول كيفية صياغة سياسات ذكية تُوازن بين التقدم والامتثال.