الذهب الرقمي يتماسك أمام العاصفة: ارتفاع الدولار لا يكسر شوكة البيتكوين
البيتكوين يصمد رغم ضغوط الدولار ويُثبت مجددًا مكانته كملاذ استثماري
وسط اضطراب الأسواق العالمية وتدهور العملات الورقية، يواصل البيتكوين الصعود ويثبت مجددًا أنه أكثر من مجرد عملة رقمية. فعلى الرغم من ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته خلال ثلاث سنوات، فإن البيتكوين نجح في منع انهيار سعره إلى ما دون حاجز 64,000 دولار، محققًا بذلك نقطة قوة نفسية واقتصادية بارزة.
يأتي هذا الأداء في وقت تشهد فيه الأسواق ضغطًا كبيرًا بسبب سياسات الفيدرالي الأمريكي وتزايد القلق من الركود التضخمي. إلا أن حاملي البيتكوين أظهروا قدرة ملحوظة على الصمود، مدعومين بثقة متزايدة في الندرة الرقمية لهذه العملة، ومحدودية المعروض منها عند 21 مليون وحدة فقط.
الدولار الأمريكي يرتفع، لكن البيتكوين لا ينهار
في حين سجّل مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) مستويات هي الأعلى منذ عام 2021، تراجعت معظم الأصول المقوّمة بالدولار، بما في ذلك الذهب. إلا أن البيتكوين واجه هذا الزخم الهبوطي بثبات غير مسبوق، رافضًا الانخفاض الحاد الذي توقعه الكثير من المتداولين.
تحليل حركة الأسعار يُظهر أن البيتكوين نجح في الحفاظ على دعم تقني قوي عند مستوى 66,000 دولار، رغم اختبار حاد لمستوى 64,000 دولار في ساعات التداول المبكرة. وجاء هذا الصمود نتيجة دخول مكثف من “الثيران” – أي المشترين الكبار – الذين استغلوا الانخفاض المؤقت لزيادة مراكزهم، ما دفع السعر للارتداد نحو 67,000 دولار مجددًا.
المحللون يحذرون من تذبذبات مفاجئة رغم التفاؤل الحذر
أشار محللون تقنيون إلى أن السوق لا تزال في منطقة حساسة. فرغم قدرة البيتكوين على تجنب الانهيار، فإن حجم التداول المنخفض نسبيًا يضع احتمالًا قويًا لعودة التذبذب. وحذر الخبير الفني “Skew” من أن استمرار البيتكوين في نطاق 67,000 دولار قد يتبعه تحرك عنيف، صعودًا أو هبوطًا، خلال الأيام القليلة المقبلة.
ومع ذلك، أظهرت مؤشرات حجم الفائدة المفتوحة في عقود البيتكوين الآجلة ارتفاعًا ملموسًا، ما يشير إلى دخول رؤوس أموال جديدة في السوق. وقد يُترجم ذلك إلى زخم صعودي إذا ما استمرت موجة الشراء الحالية في ظل ضعف العوامل السلبية.
توقعات الأسواق: هل يتجه البيتكوين إلى كسر الحاجز النفسي 70 ألفًا؟
بالرغم من العوامل الضاغطة من السوق الكلي، مثل ارتفاع عوائد سندات الخزانة وتزايد قوة الدولار، فإن التوقعات تميل إلى ترجيح سيناريو الارتفاع. ويتوقع بعض المحللين أن يكسر البيتكوين قريبًا حاجز 70,000 دولار، مدعومًا بتزايد التبني المؤسسي واستمرار الاهتمام من قبل المستثمرين الأفراد.
ويشير آخر تقرير صادر عن Glassnode إلى أن نسبة كبيرة من المعروض من البيتكوين لم تتحرك منذ أكثر من 6 أشهر، ما يدل على تمسك المستثمرين الكبار بمراكزهم وانتظارهم لموجة صعود أكبر. هذا السلوك يُعد مؤشرًا إيجابيًا على ثقة طويلة الأمد في العملة الرقمية.
عوامل الدعم الأساسية: من شح السيولة إلى الزخم المؤسسي
تاريخيًا، يسبق صعود البيتكوين الرئيسي فترة من التراكم الهادئ وشح السيولة في منصات التداول. ومع تزايد انسحاب البيتكوين من المنصات نحو محافظ التخزين البارد، يزداد احتمال حدوث “ضغط شراء” يدفع بالسعر إلى مستويات تاريخية جديدة.
علاوة على ذلك، تشهد الأسواق حركة ملحوظة من قبل المؤسسات المالية الكبرى، التي بدأت تدخل تدريجيًا في قطاع العملات الرقمية من خلال الصناديق المتداولة ETF، مما يزيد من مصداقية السوق ويعزز من جاذبية البيتكوين كأصل استثماري طويل الأمد.
الدروس المستفادة: البيتكوين ليس مجرد أصل مضاربي
ما جرى خلال الأيام الأخيرة يؤكد أن البيتكوين تجاوز منذ زمن كونه أداة مضاربة فقط. لقد أصبح، في نظر العديد من الخبراء والمستثمرين، بمثابة “ذهب رقمي”، يوفر الحماية في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، ويحافظ على قيمته أمام تآكل العملات الورقية.
وقد صرّح المحلل الاقتصادي أليكس كروجر قائلاً: “البيتكوين لم يعد هامشيًا. في كل مرة يتحدى فيها التقلبات الكلية ويصمد، يثبت أنه جزء أساسي من النظام المالي الجديد.”
في الختام: البيتكوين يثبت قدرته على الصمود في وجه التحديات العالمية
بين صعود الدولار وتزايد الضغوط الاقتصادية العالمية، يظهر البيتكوين كعنصر توازن نادر في مشهد مالي مضطرب. إن مرونته الحالية تُعد رسالة قوية إلى المستثمرين وصنّاع القرار على حد سواء بأن عصر العملات الرقمية لم يعد تجربة، بل أصبح واقعًا له وزنه وأبعاده الاستراتيجية.