تحفظ حكومي واهتمام شعبي متزايد
تشهد المملكة العربية السعودية اهتمامًا متزايدًا في مجال العملات الرقمية، سواء على صعيد الأفراد أو المؤسسات، رغم الموقف الرسمي الحذر حتى الآن تجاه تقنينها. وبين تحفظات الجهات التنظيمية ونمو التبني الفردي، أصبحت السعودية واحدة من أكثر الدول العربية إثارة للجدل في المشهد الرقمي المالي في عام 2025.
🇸🇦 موقف السلطات التنظيمية: حذر رسمي وتوجه تقني
لا تزال العملات الرقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم غير معترف بها قانونيًا كوسيلة دفع داخل المملكة.
فبحسب تقرير مكتبة الكونغرس الأمريكي (LOC.gov)،
تمنع مؤسسة النقد العربي السعودي (SAMA) المؤسسات المالية من التعامل بالعملات المشفرة، ما يضع العملات الرقمية في منطقة رمادية من الناحية القانونية.
رغم هذا الحذر، تُظهر مؤسسة النقد اهتمامًا واضحًا بتقنية البلوكتشين. فقد تعاونت مع دولة الإمارات في مشروع مشترك يُعرف بـ “مشروع عابر” (Aber Project)، لاستكشاف إمكانية إصدار عملة رقمية مشتركة بين البلدين مخصصة للمعاملات عبر الحدود.
نمو ملحوظ في التبني الشعبي
في المقابل، يُظهر الأفراد في السعودية اهتمامًا متزايدًا بالعملات الرقمية.
تشير إحصائيات نشرها موقع uPay إلى أن قرابة 7.4 مليون سعودي (ما يعادل 20% من السكان تقريبًا) يشاركون في التداول أو الاستثمار في العملات الرقمية، سواء عبر الشراء المباشر أو عبر التطبيقات والمنصات الدولية.
ونظرًا لعدم وجود قوانين رسمية تسمح للمنصات المحلية بتقديم خدمات التشفير، يلجأ العديد من المستثمرين السعوديين إلى استخدام حلول بديلة مثل التداول عبر منصات Binance P2P وغيرها من أسواق الند للند.
الضرائب والتنظيم المالي
حتى أبريل 2025، لم تصدر السعودية تشريعات محددة تتعلق بفرض ضرائب على الأرباح الناتجة عن تداول العملات الرقمية.
ويُذكر أن المملكة لا تطبق ضريبة دخل فردية، لكن الشركات والمؤسسات تخضع لضريبة دخل بنسبة 20% وفقًا للإطار الضريبي الساري، كما أشار موقع TradersUnion.
لكن مع التوجه العالمي نحو تقنين الضرائب على العملات الرقمية، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت المملكة ستسير في نفس الاتجاه خلال السنوات القادمة.
ديناميكيات خليجية وتباين تنظيمي
يُثير الموقف السعودي من العملات الرقمية تساؤلات بشأن التباين داخل دول مجلس التعاون الخليجي.
ففي حين تتبنى دول مثل الإمارات والبحرين سياسات أكثر مرونة تجاه العملات الرقمية، يرى بعض الخبراء أن هذا التفاوت قد يدفع المستثمرين السعوديين إلى توجيه رؤوس أموالهم نحو الدول المجاورة.
وفي تصريح لموقع AGBI،
دعا أكاديمي سعودي إلى وضع سياسة موحدة على مستوى الخليج لتنظيم الأصول الرقمية وتفادي هروب الاستثمارات.
مستقبل العملات الرقمية في السعودية
بينما يتسم الموقف السعودي الحالي بالحذر، إلا أن المؤشرات تشير إلى إمكانية حدوث تغيير في النهج خلال الفترة المقبلة، خصوصًا في ظل توسع استخدام التقنية المالية (Fintech) وزيادة عدد المستخدمين.
تتوقع جهات متعددة أن يتم إصدار قوانين تنظيمية واضحة في السنوات القادمة، خصوصًا مع ضغط المستخدمين والقطاع الخاص نحو الاعتراف الرسمي بالأصول الرقمية.
الخلاصة
تعيش السعودية اليوم حالة من التوازن الدقيق بين الحذر التنظيمي والانفتاح الشعبي المتزايد تجاه العملات الرقمية.
ورغم عدم الاعتراف الرسمي بها، إلا أن عددًا كبيرًا من المواطنين يتعاملون معها يوميًا، في ظل غياب إطار قانوني شامل.
يبقى مستقبل العملات الرقمية في السعودية مفتوحًا على جميع الاحتمالات، في انتظار قرار تنظيمي قد يعيد تشكيل خريطة السوق الرقمية في الخليج والمنطقة العربية ككل.
المراجع:
- LOC – Regulation of Cryptocurrencies in GCC: blogs.loc.gov
- AGBI – Policy suggestions for GCC: agbi.com