ارتفاع حاد في الإقرارات الضريبية للعملات الرقمية في فنلندا وسط استمرار ظاهرة التهرب

تزايد ملحوظ في عدد الإقرارات الضريبية المتعلقة بالعملات الرقمية لعام 2023

أعلنت السلطات الضريبية في فنلندا عن تسجيل ارتفاع حاد في عدد الإقرارات الضريبية المرتبطة بالعملات الرقمية خلال عام 2023.
وبحسب البيانات الرسمية، فقد تضاعف عدد المبلّغين عن أرباحهم من الأصول الرقمية مقارنة بالعام السابق، ما يعكس زيادة الوعي الضريبي.
ومع ذلك، لا تزال الأغلبية الكبرى من المتعاملين بالعملات الرقمية في فنلندا تمتنع عن تقديم إقراراتها الضريبية بصورة كاملة.

الهيئة الضريبية: أكثر من 50 ألف إقرار ضريبي رقمي

صرّحت مصلحة الضرائب الفنلندية أن نحو 50,000 شخص قاموا بتقديم بيانات ضريبية تتعلق بتداول أو امتلاك العملات المشفّرة.
ويمثل هذا الرقم زيادة تقارب 90% مقارنة بعدد الإقرارات المقدمة خلال السنة المالية 2022.
ومع ذلك، تشير التقديرات الرسمية إلى أن أكثر من 100,000 مواطن فنلندي يمتلكون أو تداولوا العملات الرقمية في عام 2023.
وهذا يعني أن قرابة نصف المتداولين فقط هم من التزموا بالإفصاح الضريبي المطلوب وفقاً للقانون الفنلندي.

أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة لتعقّب المتخلّفين عن السداد

ضمن جهود مكافحة التهرب الضريبي، أعلنت السلطات الضريبية عن استخدامها تقنيات تحليل بيانات متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وتهدف هذه الأدوات إلى مقارنة البيانات المقدمة مع سجلات التداول والمعاملات عبر البورصات الرقمية المحلية والعالمية.
وبفضل هذه التقنيات، تمكنت الهيئة من تحديد آلاف الحالات التي لم يتم الإبلاغ عنها رغم وجود نشاط واضح في تداول العملات.

التعاون الدولي لتعزيز الرقابة الضريبية على الأصول الرقمية

تعمل فنلندا على تعزيز التعاون مع سلطات الضرائب في دول الاتحاد الأوروبي وفي دول خارجية أخرى.
ويهدف هذا التعاون إلى تبادل المعلومات حول الحسابات الرقمية والمعاملات الدولية للمواطنين الفنلنديين.
وقد ساهمت هذه الجهود في تحسين رصد وتحليل النشاطات الرقمية العابرة للحدود بشكل ملموس خلال العام الماضي.

دعوات لسنّ تشريعات أكثر صرامة وتعزيز الوعي العام

أوصى خبراء اقتصاديون فنلنديون بضرورة مراجعة الأطر القانونية الخاصة بضرائب الأصول الرقمية.
وأكدوا أن العقوبات الحالية على التهرّب الضريبي لا تزال محدودة ولا تشكّل رادعاً كافياً للمتخلفين عن السداد.
كما دعت مصلحة الضرائب إلى تنظيم حملات توعية عامة لتعريف المتداولين الجدد بحقوقهم وواجباتهم الضريبية.
وبحسب المتحدث باسم الهيئة، فإن “زيادة الامتثال تبدأ من المعرفة”، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من المتخلّفين يجهلون القوانين.

كيف يتم احتساب الضرائب على العملات الرقمية في فنلندا؟

تُحتسب الضرائب على أرباح العملات الرقمية في فنلندا على أساس فرق السعر بين البيع والشراء، تماماً كما في الأصول المالية الأخرى.
ولا تفرض الضرائب على حيازة العملات، بل تُفرض فقط عند تحويلها إلى عملة ورقية أو استخدامها في عمليات الشراء.
وتبلغ نسبة الضريبة عادة ما بين 30% و34% حسب قيمة الأرباح المحققة وعدد المعاملات.

توقعات بزيادة حالات الإبلاغ في عام 2024

تتوقع الهيئة أن تستمر نسبة الإبلاغ في الارتفاع خلال العام الجاري 2024، مع دخول تشريعات أوروبية جديدة حيّز التنفيذ.
وتشمل هذه التشريعات بنوداً تلزم منصات التداول بتوفير تقارير مفصلة عن نشاطات المستخدمين للهيئات الضريبية الوطنية.
كما تشير التحليلات إلى أن تشديد الرقابة سيدفع المزيد من المتداولين إلى الالتزام بالقوانين لتفادي العقوبات والغرامات.

العملات الرقمية بين الشفافية والتحديات التنظيمية

يمثّل هذا الارتفاع في عدد الإقرارات الضريبية مؤشراً على اتجاه متزايد نحو الشفافية في التعامل مع العملات الرقمية.
إلا أن التحديات التنظيمية لا تزال قائمة، خاصة مع الطبيعة اللامركزية لهذه الأصول وصعوبة تتبّعها في بعض الحالات.
وتؤكد السلطات الفنلندية أن النجاح في ضبط هذا القطاع يتطلب تعاوناً دولياً ومواكبة للتقنيات الحديثة باستمرار.

رسالة الحكومة: الشفافية مسؤولية وطنية

في بيان رسمي، شددت وزارة المالية الفنلندية على أن الإبلاغ الضريبي عن العملات الرقمية ليس خياراً بل التزام قانوني.
ودعت جميع المواطنين إلى تحمّل مسؤولياتهم تجاه الدولة والمجتمع، مؤكدة أن التهرّب الضريبي يهدد أسس العدالة الاجتماعية.
وأضافت أن الحكومة ستواصل تحديث آليات الرصد والتحليل، بما يضمن عدالة ضريبية كاملة ومساواة في تطبيق القانون.