صندوق استرداد إف تي إكس يبدأ المرحلة الثانية من تعويض الدائنين بقيمة 5 مليارات دولار
خطوة عملاقة نحو تسوية الأزمة: الدفعة الثانية تنعش آمال الآلاف حول العالم
في تطور بالغ الأهمية ضمن واحدة من أكبر عمليات الإفلاس في تاريخ العملات الرقمية، أعلن صندوق استرداد شركة إف تي إكس (FTX Recovery Trust) عن بدء صرف الدفعة الثانية من التعويضات المخصصة للدائنين، والتي تبلغ قيمتها نحو 5 مليارات دولار أمريكي. وتأتي هذه الخطوة كجزء من خطة إعادة هيكلة واسعة النطاق، تسعى إلى تعويض المتضررين بعد انهيار المنصة عام 2022.
المرحلة الثانية تنطلق رسميًا لتعويض آلاف الدائنين
أعلنت الجهات المسؤولة عن عملية الاسترداد أن الدفعة الثانية بدأت رسميًا في الأيام الأخيرة من شهر مايو 2025. وتشمل هذه المرحلة شريحة واسعة من الدائنين الذين تأكدت مطالباتهم بعد مراجعات قانونية وإدارية دقيقة. ووفقًا لما تم الإعلان عنه، فإن هذه الدفعة تأتي استكمالًا لعملية السداد الأولى التي تمت في وقت سابق من هذا العام، وبلغت هي الأخرى مليارات الدولارات.
وتمثل هذه الخطوة تطورًا حاسمًا نحو استعادة الثقة في النظام المالي للعملات المشفرة، بعد أن تضرر عدد ضخم من المستثمرين من جراء انهيار المنصة المفاجئ.
العدالة المالية تأخذ مجراها بعد واحدة من أسوأ الفضائح المالية
من الجدير بالذكر أن إف تي إكس، التي كانت تُعد من أكبر منصات تداول العملات الرقمية في العالم، أعلنت إفلاسها في نوفمبر 2022 بعد سلسلة من الفضائح المالية والإدارية. وقد أدت هذه الأزمة إلى خسائر مالية فادحة أثّرت على المستثمرين الأفراد والشركات والمؤسسات على حد سواء.
ومنذ بدء عملية الإفلاس، تم تعيين لجنة لإدارة الاسترداد وتحديد المستحقين، وهي اللجنة ذاتها التي تشرف اليوم على تنفيذ عمليات الدفع بموجب جدول زمني صارم ومعتمد من المحكمة.
تفاصيل الدفعة الثانية: من المستفيد؟ ومتى يتم السداد؟
تشمل هذه الدفعة الدائنين الذين بلغت مطالباتهم المعترف بها مبالغ كبيرة نسبياً، لكن لم يحصلوا على مستحقاتهم خلال المرحلة الأولى. وسيتم الدفع عبر عدة قنوات، بما في ذلك التحويلات المصرفية التقليدية وخدمات التحويل الإلكتروني المعروفة، بهدف تسريع الإجراءات وتقليل الأخطاء التقنية.
وقد تم التأكيد على أن عمليات الدفع ستستغرق أسابيع قليلة فقط حتى يتم إيداع المستحقات بالكامل في حسابات المستفيدين، بحسب ما ورد في البيان الرسمي من صندوق الاسترداد.
دعم تقني وتسهيلات خاصة لتقليل الأخطاء وتعزيز الشفافية
أعلنت الجهات المعنية عن توفير دعم فني مباشر للمستفيدين من خلال بوابة إلكترونية خاصة بالمطالبات، تتيح تتبع حالة السداد والاستفسار الفوري عن أي تأخير أو خطأ. كما تم تعزيز معايير الأمان الرقمي خلال هذه المرحلة لتجنب أي محاولة اختراق أو احتيال إلكتروني.
وأشارت التقارير الرسمية إلى أن هذا النظام الجديد تم تصميمه بالتعاون مع شركات أمن معلومات رائدة، ما يعزز من مصداقية العملية.
تقييم الخبراء: خطوة إيجابية ولكن التحديات مستمرة
يرى الخبراء في مجال التمويل والتقنية أن صرف هذه الدفعة يمثل تطورًا إيجابيًا يعكس الجدية في معالجة الأزمة، لكنه لا يعني انتهاء التحديات بعد. فلا تزال هناك مطالبات قيد الدراسة، إضافة إلى قضايا قانونية مفتوحة ضد الإدارة السابقة للمنصة.
كما أشار المحللون إلى أن الثقة في منصات التداول لا تزال هشّة، وتتطلب المزيد من الإجراءات الرقابية والشفافية حتى يتم ترميمها بالكامل.
تداعيات قانونية لا تزال تلقي بظلالها على مستقبل المنصة
حتى مع تقدم عمليات السداد، تواصل السلطات الأمريكية متابعة التحقيقات بشأن سوء الإدارة والاحتيال المالي الذي ارتكبته الإدارة السابقة للمنصة. ولا تزال المحاكم تنظر في قضايا جنائية ضد عدد من المديرين التنفيذيين السابقين، بمن فيهم مؤسس المنصة سام بانكمان-فريد.
وتؤكد هذه التداعيات القانونية أن ملف إف تي إكس لم يُغلق بعد، وأن المساءلة القانونية لا تزال أحد أركان المعالجة الشاملة.
مستقبل عمليات الاسترداد: دفعات قادمة وتوسيع نطاق التعويضات
بحسب مصادر مقربة من الصندوق، من المتوقع إطلاق مراحل إضافية من التعويضات خلال الأشهر القادمة، تشمل فئات جديدة من الدائنين. وتشير هذه التصريحات إلى أن الخطة الشاملة تمتد حتى أواخر عام 2026، ما يعني استمرار الجهود لمدة أطول لضمان استرداد أكبر قدر ممكن من الأموال المفقودة.
كما يعمل الصندوق على بيع ما تبقى من الأصول الرقمية والعقارات التي كانت ضمن ممتلكات إف تي إكس، واستخدام العائدات لدعم الدفعات القادمة.
رسالة طمأنة للمستثمرين: العدالة لا تُهمل المتضررين
وفي ختام البيان الرسمي، أكدت الجهات المشرفة على العملية أن الأولوية القصوى ستظل دائمًا لحماية حقوق المستثمرين واسترداد أموالهم. وتعد هذه المرحلة الثانية رسالة طمأنة قوية لكل من تأثر بانهيار المنصة، بأن العدالة قد تأخرت، لكنها لم تغب.
تأتي هذه التطورات لتسلط الضوء مجددًا على أهمية الرقابة والشفافية في قطاع العملات الرقمية، الذي يشهد نموًا هائلًا، لكنه لا يزال عرضة للتقلبات والمخاطر الهيكلية الكبيرة.