شهدت الساحة المالية في كوريا الجنوبية تطوراً بارزاً في الأيام الأخيرة، حيث أعلن بنك كاكاو وبنك Toss، وهما أبرز مؤسسات الخدمات المصرفية الرقمية ، عن خطتهما لتوسيع نطاق عملياتهما في مجال العملات المشفرة، والتركيز بشكل خاص على العملات المستقرة ، بما يتماشى مع التوجهات التنظيمية الجديدة.
ومنذ فوز الرئيس لي جاي-ميونغ في انتخابات الثالث من يونيو عام 2025، تبدو البيئة التنظيمية الكورية أكثر انفتاحاً على الأصول الرقمية، مما يعزز مصداقية هذه الخطوات من قبل المؤسسات المالية الرائدة.
سياق التحول التنظيمي في كوريا الجنوبية نحو العملات المشفرة
ومع بداية عام 2019، انتهجت الحكومات الكورية سياسات محافظة تجاه الأصول الرقمية، شملت حظراً شاملاً لإصدارات العملات الرقمية المحلية.
ومع ذلك، شهدت الفترة الانتخابية الماضية حراكاً ملحوظاً، وبرز وعد واضح لبنك حرب العملات القائمة على الوون الكوري.
وتحرز الجهات التشريعية تقدماً في مشاريع قوانين العملات المستقرة، يسعى من خلالها البنك المركزي الكوري إلى توسيع تجربة العملة الرقمية لبنكه.
شراكة استراتيجية مع منصة Coinone
وعلم من وكالة Yonhap Infomax أن بنك كاكاو يعزز شراكته مع منصة Coinone.
وبالرغم من القيود السابقة، يعمل البنك على إدخال ميزات متقدمة مثل عرض أسعار العملات الرقمية فوريًا، وربط المحافظ بحسابات العملاء.
كما أضاف البنك مؤخراً 12 طلب علامة تجارية في مجالات البرمجيات المالية، والمعاملات المشفرة، والتعدين الرقمي، استعدادا للتوسع.
علاوة على ذلك، يُشير بنك كاكاو إلى إمكانية التوسع خارج الحدود، ونيل ترخيص تشغيلي في تايلاند، مما يبرز خططه الإقليمية.
معالجة شاملة للتمويل اللامركزي
ووفقاً للتقرير نفسه، فإن بنك Toss يسعى للانضمام إلى جمعية Open Blockchain and DID Association (OBDIA).
وتضم هذه الجمعية حتى الآن تسعة بنوك كورية كبرى، علماً أنها تعمل على تأسيس وحدة مختصة بالعملات المستقرة.
كما حرص بنك Toss على تسجيل 48 علامة تجارية مرتبطة بالعملات المشفرة، أبرزها علامة KRWTSB.
بذلك، يتضح توجه البنك لدخول سوق العملات الرقمية بشكل موسّع من خلال بنية تنظيمية ومؤسسية متينة.
توجه شفّاف من السوق الكوري نحو العملات المستقرة
على طرف آخر، أعلنت ثمانية بنوك كبرى في كوريا الجنوبية، بما في ذلك KB Kookmin وShinhan وWoori، عن نية تشكيل كونسورتيوم لإصدار عملة مستقرّة مربوطة بالوون.
ووفق تقارير متداخلة، فإن الإطلاق المرتقب قد يتم بحلول نهاية 2025 أو مطلع 2026.
ويُخطط للمنهجية على أساسين: الأول يعتمد على نموذج الثقة مع الاحتفاظ بالودائع في حسابات مستقلة، والثاني يعتمد على الاحتياطي إلى جانب أموال الإيداع البنكي بنسبة 1:1.
ويأتي ذلك في سياق مساعي كورية تهدف إلى تعزيز السيادة النقدية والحد من هيمنة العملات المستقرة العالمية على السوق المحلية.
الشراكة التنظيمية والتوازنية البنكية
وفي خطوة تنظيمية داعمة، شدّدت هيئة الخدمات المالية الكورية (FSC) على الحاجة لوضع إطار قانوني جديد للعملات المستقرة، بهدف حماية المستثمرين وتوحيد المعايير.
كما أعلن بنك كوريا (BoK) أن المنصة المصرفية يجب أن تكون أول من يبادر بإصدار العملات المستقرة، على أن تتبعها كيانات غير مصرفية لاحقاً.
في هذا السياق، عبر نائب حاكم بنك كوريا Ryoo Sang-dai عن تأييد حكيم لهذه الخطوة، مع توصيات بالبدء التدريجي.
الفرص والتحديات المرتقبة في سوق الأصول الرقمية
وفي ضوء ذلك، تبرز فرص كبيرة في السوق المحلية لاندماج العملات الرقمية ضمن الخدمات المصرفية.
غير أن المخاطر التنظيمية والفنية لا تزال قائمة، خاصة تلك المتعلقة بالبنية التحتية التقنية، وتأمين الاحتياطيات، والاستقرار المالي.
ومن جهة أخرى، تزداد أهمية التنظيمات الوقائية كإطار للامتثال للمعايير الدولية، مثل مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وعليه، يتعين على البنوك الرقمية كاكاو وToss، التنسيق الوثيق مع الجهات التنظيمية، واتخاذ خطوات تدريجية وشاملة لتحقيق هذا التحول بثبات.
الأثر المحتمل على النمو الاقتصادي والمالي
وإذا ما نجحت هذه الجهود، فقد يشهد الاقتصاد الكوري فوائد ملموسة، مثل تسريع المعاملات المالية، وتقليل تكاليف المعاملات عبر الحدود، وتوسيع الشمول المالي.
كما قد يعزز ذلك تنافس الكيانات المصرفية المحلية للابتكار، ويسهم في تعزيز مكانة كوريا الجنوبية كمركز مالي عالمي في فئة التكنولوجيا المالية .
في ظل قيادة جديدة تتبنى الأصول الرقمية بوضوح، وبروز مؤسسات مصرفية جريئة تدفع نحو المستقبل، تتجه كوريا الجنوبية إلى ثورة في نظامها المالي.
وإذا ما تم تنفيذ الخطط التنظيمية والفنية بالشكل السليم، فقد تصبح العملات المستقرة المرتبطة بالوون علامة فارقة في الاقتصاد الرقمي الكوري.