انهيار مدوٍّ في قطاع الإقراض القائم على الرموز غير القابلة للاستبدال: انخفاض بنسبة 97٪ منذ عام 2022
سوق الإقراض القائم على NFTs يواجه تراجعاً تاريخياً
شهد قطاع الإقراض القائم على الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) تراجعاً حاداً في حجم المعاملات، ما يشير إلى أزمة ثقة غير مسبوقة.
وفقاً لأحدث تقارير منصة “DappRadar”، تراجع حجم الإقراض الشهري بنسبة تصل إلى 97٪ منذ ذروته في مايو 2022.
في تلك الفترة، بلغ حجم القروض أكثر من 375 مليون دولار شهرياً. أما الآن، فلا يتجاوز هذا الرقم حاجز 10 ملايين دولار.
تحول المزاج العام يضرب ثقة المستثمرين
أحد الأسباب الرئيسة لهذا التراجع يتمثل في انخفاض الاهتمام العام بالرموز غير القابلة للاستبدال.
فقد خفّ وهج المشاريع المرتبطة بها، وانهارت أسعار العديد من مجموعات NFT الشهيرة.
وبالتالي، لم يعد المستثمرون يرون فائدة حقيقية في رهن هذه الرموز مقابل قروض رقمية.
وتعزز هذه المعطيات مناخاً من الحذر والترقب داخل القطاع، ما يدفع مزيداً من المستخدمين للخروج من السوق.
منصات كبرى متأثرة… وتراجع شامل في الاستخدام
منصات الإقراض الشهيرة مثل Blend وNFTfi سجلت انخفاضاً حاداً في النشاط الشهري على شبكاتها.
Blend، التي كانت تسيطر على نحو 75٪ من السوق، تواجه الآن تراجعاً كبيراً في السيولة ونشاط المستخدمين.
وفي الوقت ذاته، تحاول NFTfi الحفاظ على موقعها من خلال تقديم شروط أفضل، ولكن دون نجاح يُذكر حتى الآن.
بيانات صادمة: انحدار شبه كامل خلال عامين فقط
تُظهر الإحصاءات الصادرة عن DappRadar أن عدد المستخدمين الفاعلين تراجع من 18,000 مستخدم شهرياً في مايو 2022 إلى أقل من 5,000.
كما انخفض عدد القروض الشهرية من أكثر من 40,000 إلى ما دون 9,000 فقط.
ويعكس هذا التحول الحاد فقداناً عاماً للثقة في جدوى الإقراض القائم على أصول غير سائلة بطبيعتها، مثل NFTs.
أسباب متعددة وراء الانهيار
عوامل عديدة أسهمت في هذا التراجع، أهمها الانخفاض الحاد في قيمة NFT نفسها.
فقدت مشاريع بارزة مثل Bored Ape Yacht Club وCryptoPunks نسبة كبيرة من تقييماتها السوقية.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأسواق تقلبات حادة، ما دفع المستثمرين نحو خيارات أكثر أماناً واستقراراً.
كما لعبت القوانين والتشريعات دوراً في تقليص النشاط، خاصة مع تشديد بعض الجهات التنظيمية الرقابة على المنصات اللامركزية.
مشاريع جديدة تحاول إنقاذ المشهد
رغم التراجع، لا يزال هناك محاولات متفرقة لإحياء القطاع.
أطلقت بعض المشاريع الناشئة أدوات جديدة تسعى لتقديم حلول مبتكرة مثل التقييم الديناميكي لقيمة NFT المرهونة.
كما ظهرت أنظمة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقييم مخاطر الإقراض بشكل أدق.
لكن لم تحقق هذه الأدوات نجاحاً كبيراً حتى اللحظة، في ظل غياب السيولة اللازمة وثقة المستخدمين.
التحول إلى مجالات رقمية بديلة
من الملاحظ أن كثيراً من المستثمرين الذين كانوا نشطين في مجال NFT انتقلوا إلى أسواق أخرى.
يُسجل قطاع التمويل اللامركزي (DeFi) اهتماماً متزايداً، خاصة في بروتوكولات الإقراض المستقرة مثل Aave وCompound.
كما تشهد العملات الرقمية المستقرة (Stablecoins) إقبالاً كثيفاً بسبب استقرارها وسهولة استخدامها.
ويؤكد ذلك رغبة المستثمرين في تقليل المخاطر وتجنب تقلبات السوق الجامحة.
مستقبل الإقراض القائم على NFTs: هل من أمل؟
رغم التراجع الشديد، يرى بعض المحللين أن القطاع لا يزال يحمل إمكانات طويلة الأجل.
إذ يمكن أن تُستخدم NFTs في المستقبل كضمانات ذكية ضمن أنظمة مالية أكثر تطوراً وشفافية.
كما أن بعض البنوك الرقمية بدأت فعلياً في دراسة سبل دمج الأصول الرقمية غير القابلة للاستبدال في محافظها.
ومع ذلك، فإن تعافي القطاع لن يتحقق إلا من خلال بناء أنظمة تقييم عادلة واستقرار عام في السوق.
الجهات الرقابية تراقب وتحذر
أصدرت عدة هيئات تنظيمية حول العالم بيانات تحذيرية بشأن مخاطر الإقراض القائم على NFTs.
ففي الولايات المتحدة، دعت لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) إلى توخي الحذر من هذه الأنشطة عالية المخاطر.
كما أبدت جهات في الاتحاد الأوروبي قلقها من غياب الشفافية والمساءلة في هذه المنصات.
ويزيد ذلك من الضغط على الشركات القائمة لتوفير مستويات أعلى من الأمان والامتثال.
الخلاصة: قطاع فقد بريقه ويبحث عن فرصة للبقاء
تُظهر البيانات والأرقام واقعاً لا يمكن تجاهله: سوق الإقراض القائم على NFTs يعاني من انهيار شبه كامل.
ورغم الجهود المبذولة للإنعاش، إلا أن الطريق نحو التعافي لا يزال مليئاً بالتحديات.
ما يحتاجه القطاع اليوم هو ثقة المستخدمين، وأدوات أكثر دقة، وتشريعات تضمن الشفافية والاستقرار.
وفي انتظار ذلك، يبدو أن العصر الذهبي لـNFTs في الإقراض قد أصبح جزءاً من الماضي القريب.