في بيان رسمي صدر في 20 يونيو 2025، أشار وزير الرقمنة والإدارة العامة، كاريني تونغ، إلى أن “الحكومة العمالية لديها نية واضحة للحد من تعدين العملات الرقمية قدر الإمكان” . علاوة على ذلك، أكد البيان أن تعدين العملات الرقمية يستهلك كميات هائلة من الكهرباء بينما يحقق فرص عمل قليلة جداً وأثر اقتصادي محدود على المجتمعات المحلية . وبناءً عليه، تقترح الحكومة فرض حظر مؤقت على إنشاء مراكز تعدين جديدة تستخدم تقنيات عالية الاستهلاك للطاقة، اعتباراً من فصل الخريف لعام 2025
دوافع القرار
الحفاظ على الطاقة للصناعات الحيوية
رغم وفرة الكهرباء المتولدة من الطاقة المائية في النرويج، فإن ارتفاع الطلب العالمي وارتفاع أسعار الكهرباء جعل من الضروري تخصيص الكهرباء للصناعات الأكثر فاعلية. لذلك، تهدف الحكومة من هذا الحظر إلى حماية القدرة الكهربائية وضمان استقرار الإمدادات للقطاعات الإنتاجية.
القلق البيئي
تعد عمليات التعدين الأكثر كفاءة في رفع الانبعاثات الكربونية، وهو ما يتعارض مع التزامات النرويج تجاه تقليل الانبعاثات وتحقيق أهداف المناخ. كما وصف وزير الطاقة، تيري أسلاند، أن التعدين كثيف الطاقة يتعارض مع تلك الأهداف ويهدد الجهود الوطنية للحد من الغازات الدفيئة .
الأثر الاقتصادي المحلي
أكدت كاريني تونغ أن تعدين العملات الرقمية لا يسهم بقدر كافٍ في خلق فرص عمل أو زيادة الدخل العام. إذ غالباً ما تعتمد هذه المراكز على التكنولوجيا الآلية وتتطلب عمالة فنية قليلة، ما يضع علامات استفهام حول قيمتها المحلية.
تفاصيل الحظر المؤقت
السلطات النرويجية تسعى لتفعيل هذا الحظر في الفترة ما بين أيلول وتشرين الأول من عام 2025. ويتضمن الحظر توقف إصدار تصاريح لإنشاء مراكز تتبع أنظمة Proof‑of‑Work الأكثر استهلاكاً للطاقة. ويندرج هذا الإجراء ضمن قانون التخطيط والبناء النرويجي، الذي يمنح الحكومة الحق في تنظيم استخدام الأراضي والطاقة . علاوة على ذلك، سيكون الحظر مصحوباً بتشريعات ملحقة تتطلب تسجيل مراكز البيانات لدى السلطات المحلية، وكشف هويات مالكيها وطبيعة الخدمات المقدمة .
النرويج كمركز تعدين
عرفت النرويج بتبنيها لطاقة رخيصة ومتجددة، ما جذّب شركات التعدين العالمية. بحسب بيانات من كميبرج جامعة، فإن النرويج تمثل نحو 0.7–2 ٪ من إجمالي معدل تجزئة شبكة البيتكوين العالمي . مع ذلك، بدأ الإعلام والمجتمع المدني في الشمال الشكاوى من الضوضاء والتلوث الناجم عن تلك المراكز، ما دفع الحكومة إلى التخطيط لإجراءات تنظيمية وضرائبية مسبقة.
خطوات سابقة
في عام 2022، تقدمت النرويج بمبادرات لإنهاء الإعفاءات الضريبية للكهرباء المستخدمة في التعدين. كما حاولت الحكومة دمج مركزات البيانات ضمن قواعد طاقة موحدة، بما في ذلك ما يخص الشفافية في ملكية المراكز.
التأثيرات المتوقعة
على قطاع التعدين
سيؤثر الحظر على شركات التعدين الجديدة، خصوصاً تلك التي تعتمد على مجمعات الطاقة العالية. بالتالي، قد تؤدي القيود إلى تحول بعض الأعمال لمناطق أخرى أو التوقف الكلي لفترة مؤقتة.
على أسعار الكهرباء
يتوقع أن ينخفض الضغط على الشبكة المحلية وبالتالي قد تُعاد توجيه الطاقة للصناعات الأخرى، مما قد ينعكس إيجابياً على استقرار الأسعار. إذ يعد تأمين الطاقة لبعض المصانع الأساسية جزءًا من استراتيجية الحكومة لجعل الاقتصاد أكثر مرونة واستدامة.
على المناخ والالتزامات الدولية
تبرز النرويج كدولة ملتزمة بخفض انبعاثات الكربون، وذلك يتماشى مع أهدافها المناخية لعام 2030 و2050. وفي هذا السياق، من شأن الحد من النشاطات كثيفة الاستهلاك للطاقة أن يدعم سمعتها كدولة زراعية واقتصادية وصديقة للبيئة.
ردود الفعل المحلية والدولية
الداخل
رحّب نشطاء البيئة وشركات الطاقة المستدامة بهذه الخطوة، مؤكدين أنها تؤدي إلى “تحرير الطاقة لخدمة المجتمعات والوظائف الصناعية.”كما اعتبر المستثمرون قرارًا حكيمًا يعكس مسؤولية الدولة تجاه الموارد الوطنية.
الخارج
انضمت النرويج إلى دول كروسيا والصين بإجراءات مماثلة، إذ حظرت روسيا التعدين في 10 مناطق، بينما منعت الصين الأنشطة التعدينية بالكامل منذ 2021 . ويبدو أن هناك توجهًا عالميًا نحو تنظيم النشاطات الرقمية المرتبطة بالطاقة.
قررت النرويج، رسميًا، حظر إنشاء مراكز تعدين جديدة باستخدام تقنيات الطاقة عالية الاستهلاك اعتبارًا من خريف 2025.
وذلك في سياق إعادة التوزيع الذكي للطاقة، وترشيد الموارد لحماية المناخ وتحفيز النمو المحلي. كما تطمح الحكومة لتحقيق توازن اقتصادي وبيئي يعكس المسؤولية الوطنية والتزام النرويج بالخروج من أزمات الطاقة المتصاعدة.