في تصريح شديد اللهجة، وجه براد جارلينجهاوس، الرئيس التنفيذي لشركة ريبل (Ripple)، انتقادًا صريحًا لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بسبب ما وصفه بـ”التقاعس التشريعي” تجاه وضع إطار قانوني واضح لسوق الأصول الرقمية. وأشار إلى أن استمرار هذا الفراغ التنظيمي يشكل خطرًا مباشرًا على مستقبل الابتكار المالي في الولايات المتحدة، ويمنح الأسواق الأخرى فرصًا للتقدم والهيمنة.
تأخر التشريع وغياب الرؤية الموحدة
أوضح جارلينجهاوس أن الولايات المتحدة، رغم كونها موطنًا لكبرى شركات التكنولوجيا، ما زالت تفتقر إلى قوانين واضحة تنظم سوق العملات الرقمية. ويؤكد أن هذا التأخير لا يُعد مجرد بطء إداري، بل هو إهمال مقصود يخلق بيئة طاردة للاستثمار.
وأضاف أن عدم التوافق بين المؤسسات التنظيمية، لا سيما بين لجنة الأوراق المالية والبورصات (SEC) ولجنة تداول السلع الآجلة (CFTC)، يعمّق حالة الغموض القانوني، ويضع الشركات في مواجهة قرارات متضاربة ومبهمة.
تهديد للمنافسة والريادة العالمية
من وجهة نظر جارلينجهاوس، فإن هذا التردد الأمريكي قد يؤدي إلى فقدان الريادة الاقتصادية لصالح دول أخرى، مثل المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وسنغافورة. فهذه الدول، بحسب تعبيره، لا تكتفي بتشجيع الابتكار، بل تواكبه بإطار تنظيمي متكامل يوفر الأمن القانوني والشفافية للمستثمرين والشركات الناشئة.
وقد أشار إلى أن شركته — ريبل — تواصلت مرارًا مع الهيئات التنظيمية الأمريكية لطرح حلول وتوصيات، لكن دون جدوى تذكر حتى الآن.
القانون المقترح في مجلس النواب: بصيص أمل؟
رغم الصورة القاتمة، رحب جارلينجهاوس بمشروع قانون “FIT21″ المقترح حاليًا في مجلس النواب، والذي يسعى إلى وضع إطار قانوني موحد لتنظيم الأصول الرقمية، مع منح الصلاحيات لكل من SEC وCFTC وفقًا لطبيعة الأصول الرقمية محل التعامل.
واعتبر هذا القانون خطوة إيجابية نحو تنظيم السوق، لكنه شدد على ضرورة الإسراع في تبنيه من قِبل مجلس الشيوخ، محذرًا من أن التأخير الإضافي قد يؤدي إلى تسرب المواهب ورأس المال إلى أسواق أكثر وضوحًا وتنظيمًا.
الفراغ التنظيمي يضعف ثقة المستثمرين
من الآثار الجانبية التي أشار إليها الرئيس التنفيذي لشركة ريبل، أن هذا الفراغ القانوني أضعف من ثقة المستثمرين، سواء الأفراد أو المؤسسات. فبسبب غياب أطر تنظيمية واضحة، باتت الشركات الكبرى تُحجم عن إطلاق مشاريع رقمية داخل الولايات المتحدة، وتُفضل التوسع في مناطق أخرى أكثر مرونة.
وأكد أن هذا الأمر له انعكاسات سلبية على خلق الوظائف، واستقطاب الكفاءات، وتنمية اقتصاد المستقبل القائم على الابتكار المالي.
أهمية تنظيم العملات الرقمية لاقتصاد القرن الحادي والعشرين
في مداخلته، شدد جارلينجهاوس على أن تنظيم العملات الرقمية ليس خيارًا، بل ضرورة اقتصادية وسياسية. وأكد أن الأسواق العالمية تتجه نحو رقمنة الأصول، وإن تأخرت الولايات المتحدة في إدراك هذه الحقيقة، فإن ذلك سيكلفها الكثير على مستوى التنافسية الدولية.
وأضاف أن الأسواق لا تنتظر، وأن على المشرّعين أن يتحركوا وفق وتيرة التكنولوجيا، لا أن يظلوا أسرى للبيروقراطية.
دعوة مباشرة للكونغرس: تحرّكوا الآن
في ختام حديثه، وجه الرئيس التنفيذي لشركة ريبل دعوة مباشرة إلى الكونغرس الأمريكي بمجلسيه، مطالبًا بتحمّل مسؤولياته التاريخية في هذه اللحظة المفصلية. وقال إن الولايات المتحدة أمام خيارين: إما قيادة الثورة المالية القادمة، أو التراجع إلى هامش المشهد العالمي.
وأكد أن الفرص ما زالت متاحة، لكن الوقت ينفد، وعلى من يملكون السلطة أن يتصرفوا فورًا.
الخلاصة: لا مستقبل رقمي بدون إطار قانوني منظم
في ضوء ما طرحه براد جارلينجهاوس، تتضح الحاجة المُلحة إلى تحرك تشريعي عاجل يضع حدًا للفوضى القانونية في سوق العملات الرقمية داخل الولايات المتحدة. فغياب القوانين لا يُعد فقط عائقًا أمام الابتكار، بل هو تهديد استراتيجي لقدرة الدولة على المنافسة في الاقتصاد الرقمي العالمي.