تصاعد التوتر بين قطاع العملات الرقمية وصنّاع القرار الأمريكيين
في تطور جديد يعكس تعمق الهوة بين قطاع الأصول الرقمية وصنّاع القرار في الولايات المتحدة، شنّ “براد غارلينغهاوس”، الرئيس التنفيذي لشركة ريبل، هجومًا علنيًا على السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس. جاء ذلك عقب إلغاء محادثات كانت مرتقبة بشأن تنظيم العملات الرقمية.
ريبل تشعر بخيبة أمل تجاه مواقف الكونغرس الأمريكي
عبر “غارلينغهاوس” عن استيائه الشديد من موقف السيناتورة لوميس، متهمًا إياها بالتراجع عن التزامات سابقة تتعلق بالتشاور مع شركات العملات الرقمية. وأوضح أن هذه الخطوة تمثل إشارة سلبية متزايدة بشأن غياب الحوار البنّاء مع صناع السياسات الأمريكيين.
ويؤكد متابعون أن هذه الأزمة الجديدة تسلط الضوء على التحديات التنظيمية التي تواجهها الشركات العاملة في القطاع داخل الولايات المتحدة، خاصة في ظل التفاوت في المواقف بين مختلف التيارات السياسية.
إلغاء الاجتماع مع ريبل يعكس توترات أوسع
كان من المفترض أن ينعقد الاجتماع الملغى في العاصمة واشنطن، لمناقشة السياسات التنظيمية المقترحة، وأبرزها مشروع قانون “لوميس-جيليبراند” الخاص بتنظيم الأصول الرقمية. إلا أن فريق لوميس ألغى الاجتماع في اللحظة الأخيرة، الأمر الذي أثار استغراب ريبل وأوساط الصناعة الرقمية.
وأوضح “غارلينغهاوس” أن هذا الإلغاء المفاجئ لا يصب في مصلحة جهود بناء إطار تنظيمي واضح وفعال للأصول الرقمية في الولايات المتحدة. وأشار إلى أن ذلك يترك الشركات الأمريكية عرضة للتهميش مقارنة بنظيراتها في الأسواق الدولية.
الانتقادات تتسع لتشمل تعامل الحكومة مع قطاع التشفير
وجّه “غارلينغهاوس” انتقادات أوسع للحكومة الأمريكية، معتبرًا أن غياب الحسم في التشريعات يُفرّغ الابتكار من مضمونه. ولفت إلى أن الشركات الأمريكية الكبرى، ومنها ريبل، قد تجد نفسها مجبرة على نقل عملياتها إلى الخارج إذا استمر الغموض التنظيمي.
ويؤكد محللون أن هذه التصريحات تعكس تصاعد حالة الإحباط لدى قادة الصناعة، خاصة في ظل الإجراءات القضائية المستمرة التي تواجهها ريبل من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC).
سياق واسع: صفقة “سيركل” تثير مزيدًا من التساؤلات
تزامنت هذه التطورات مع تقارير إعلامية تفيد بأن “ريبل” تدرس تقديم عرض للاستحواذ على شركة “سيركل”، التي تدير العملة المستقرة USDC. وذكرت المصادر أن الصفقة قد تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار أمريكي، مما يعزز نفوذ ريبل في السوق المالية الرقمية.
ويشير مراقبون إلى أن أي خطوة استحواذ بهذا الحجم، إذا ما تمّت، ستجعل ريبل في موقع استراتيجي متقدم. لكن في المقابل، ستجذب أيضًا المزيد من التدقيق من الجهات التنظيمية الأمريكية.
لوميس تلتزم الصمت وسط تصاعد الانتقادات
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر السيناتورة سينثيا لوميس أي تصريح رسمي يوضح أسباب إلغاء الاجتماع مع ريبل. ومع ذلك، أعرب مقربون منها عن استمرار دعمها لتنظيم “مسؤول” للأصول الرقمية، رغم عدم وجود إطار زمني واضح للتقدم التشريعي.
ويثير هذا الغموض تساؤلات جديدة حول مدى التزام الكونغرس بتحقيق توازن بين حماية المستثمرين وتشجيع الابتكار في قطاع العملات الرقمية.
تزايد القلق بشأن مستقبل العملات الرقمية في الولايات المتحدة
في ظل تصاعد الانتقادات وتراجع الحوار بين القطاع الخاص وصنّاع القرار، يزداد القلق بشأن مستقبل الابتكار في مجال العملات الرقمية داخل الولايات المتحدة. وقد أعربت عدة شركات، بما فيها “كوينبيس”، عن نيتها توسيع عملياتها إلى أسواق خارجية، هربًا من المناخ التنظيمي “العدائي”.
ويرى محللون أن استمرار تجاهل أصوات رواد الصناعة الرقمية قد يؤثر سلبًا على قدرة الولايات المتحدة في الحفاظ على مكانتها كمركز مالي عالمي.
دعوات جديدة لإعادة بناء جسور التواصل
ختامًا، دعا “غارلينغهاوس” إلى العودة للحوار وتغليب لغة التفاهم بدلاً من التصعيد. وأكد أن الأصول الرقمية تمثل فرصة اقتصادية ضخمة يجب ألا تُهدر بسبب سوء الفهم أو التوجس السياسي. وأضاف أن الوقت قد حان لإعادة صياغة العلاقة بين المشرّعين وروّاد التكنولوجيا بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني الأمريكي.
وفي انتظار أي تطورات جديدة، تبقى هذه القضية مؤشرًا قويًا على عمق الفجوة القائمة بين الابتكار التكنولوجي والإرادة السياسية في أكبر اقتصاد عالمي.
