أقدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، وعلى رأسهم السيناتور آدم شيف، على تقديم مشروع قانون جديد يُعرف باسم قانون الحد من دخل وانكشاف المسؤولين (COIN Act). ويأتي هذا المقترح في سياق تزايد المخاوف من الوقائع المرتبطة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتعاطيه مع الأصول الرقمية خلال فترته الرئاسية الثانية.
دوافع التشريع والمخاوف الأخلاقية
وقبل أيام، كشفت الإفصاحات المالية الرسمية أن الرئيس ترامب استفاد شخصياً بما يقارب 57.3 مليون دولار عائدات من مشاركته في منصة “World Liberty Financial”، التي تطلق ما يصطلح عليه بـ “الستيبلكوين” USD1 وعزا السيناتور شيف، أسباب طرح المشروع إلى تنامي المخاوف الأخلاقية والقانونية المتعلقة باستخدام منصب الرئاسة لتحقيق مكاسب مالية شخصية. وذكر أن التشريع يهدف إلى ضمان عدم استغلال أي مسؤول عام، بمن فيهم الرئيس وأفراد أسرته المباشرين، لأي أصول رقمية لتحقيق منفعة فردية.
آليات القانون المقترح
بموجب قانون COIN Act، سيتم فرض حظر على المسؤولين الفيدراليين من إصدار أو دعم أو الترويج لأي شكل من أشكال الأصول الرقمية (مثل: اللميمكوين، NFT، والستيبلكوين) ابتداءً من 180 يوماً قبل تولي المنصب، ولفترة تمتد عامين بعده. ويشمل ذلك أيضاً الأقارب المباشرين لأصحاب المناصب الرسمية، لضمان شمولية الرقابة وم محاربة تسرب المنافع.
الخلفية السياسية والتشريعية
وجاء هذا المشروع بعد مبادرات مماثلة سبق وأن طرحت في مجلس النواب عن السيناتورة ماكسين ووترز، مثل قانون منع عمليات تداول واستثمار غير أخلاقي . وقد رُفعت الشعارات بشعور الحاجة إلى منع استغلال السلطة لتحقيق مكاسب مالية من تداول وترويج العملات الرقمية التي قد تولد تضارباً في المصالح.
تحركات سابقة وتحالفات تشريعية
لم تكن هذه المحاولة التشريعية الأولى في مجلس الشيوخ، إذ رُفعت مشاريع أخرى مثل:
-
قانون GENIUS المتعلق بالستيبلكوين، الذي تم دعمه في أكثر من جلسة استماع أميركية.
-
إضافة إلى ذلك، قادت الديمقراطية إليزابيث وارين انتقادات حادة للتوجهات التي تُضبط العملات الرقمية دون الالتفات إلى قضايا النزاهة والمصالح المتقاطعة.
إيرادات ترامب الرقمية وتناقص حصص العائلة
تشير تقارير رسمية إلى أن أسرة ترامب تقلصت حصتها من منصة “World Liberty Financial” إلى نحو 40% في شهر يونيو، مقارنة بمستوى 75% في ديسمبر، ما أدّى إلى تدفقات نقدية بملايين الدولارات وأشار تقرير مستقل من منظمة “State Democracy Defenders Action” إلى أن القيم التقريبية للأصول الرقمية التابعة للأسرة بلغت نحو 2.9 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 40% من صافي الثروة الإجمالية للرئيس.
تصريحات مسؤولة وموقف المعارضة
عبر السيناتور شيف عن قناعته بضرورة تطبيق “حاجز أخلاقي قانوني” يحول دون استخدام المناصب العامة في اغتنام الفرص الرقمية. كما أكد السيناتور أنجيلا ألسوبروكس أن التشريع يعكس التزاماً بتعزيز النزاهة وتعزيز المنافسة العادلة في سوق الأصول الرقمية . كما أشارت السيناتورة كاثرين كورتيس ماستو إلى أن التشريع “يندرج ضمن التصدي للإمكانية العالية لسوء استخدام السلطات عبر الأصول الرقمية” . وقد أكد السيناتور ليوجولان أن “ذلك الحظر يعزز الثقة العامة”، كما عبر عن طلبه ورفاقه لفرض مراقبة أكثر صرامة على تلك الأصول . أما المجموعة غير الحزبية “ديمقراطي ديفندرز أكشن” فقد اعتبرت مشروع القانون خطوة أساسية لحماية القيم الديمقراطية. وقد أشار كريغ هولمان من منظمة “Public Citizen” إلى أن العشاء الذي استضافه ترامب لمستثمري عملته (ميمكوين) كان بمثابة “مزاد لبيع النفوذ” مبيناً خطورة ترك السلطات تتداخل مع المصلحة العامة.
السياق الأوسع والتداعيات
وتجدر الإشارة إلى أن البيت الأبيض شهد سلسلة من التغييرات التشريعية المتعلقة بالعملات الرقمية، مثل تأسيس احتياطي بيتكوين وتمكين إصدار ستِيبلكوين حكومي، ولكنها لم تترافق مع ضوابط لحماية نزاهة المسؤولين . وقد انتقدت أوساط قانونية مثل إليزابيث وارين هذه الإجراءات ووصفتها بأنها لا تراعي ضرورة تفادي تضارب المصالح أو الاستغلال غير المشروع للأصول الرقمية في قرارات السياسة العامة. كما شهد الكونغرس توترات عدة، منها احتجاجات ديمقراطية خلال جلسة استماع على مشروع قانون الستِيبلكوين، حيث قادت ماكسين ووترز انسحاباً رمزياً احتجاجاً على ما اعتبرته تغاضياً عن فساد مرتبط بعملات ترامب الرقمية.
الرؤية المستقبلية
يشكل قانون COIN Act مظهراً جديداً من مظاهر سعي المؤسسات التشريعية الأميركية لتقوية الرقابة على تعاملات المسؤولين مع منصات العملات الرقمية. وبينما يواجه المشروع تحديات دستورية تصل إلى احتمال نقض الفيتو الرئاسي، فإن الديمقراطيين يأملون في حشد ما لا يقل عن ثلثي أصوات الكونغرس لتجاوز ذلك.
ويُعتبر المشروع استكمالاً لمسار سابق شمل تحركات على مستوى مجلس النواب ضد التلاعب المالي بـ “ميمكوين” ترامب.
وهو يمثل محاولة لضبط العلاقة المربكة بين السلطة الرسمية واستثمار رؤوس الأموال الرقمية في سياق تنامي الاهتمام بهذا القطاع اقتصادياً وسياسياً.