كوريا الجنوبية تطلق تحقيقًا شاملاً في رسوم تداول العملات المشفرة

في إطار سعيها لتعزيز شفافية السوق الرقمي وتقليص تكلفة التداول، أعلنت لجنة الخدمات المالية الكورية (FSC) عن إطلاق تحقيق شامل في هيكل رسوم التداول التي تفرضها منصات العملات المشفرة المحلية. يفرض هذا الإعلان الضوء على أهمية حماية المستثمرين وضمان التنافسية العادلة، وعن نية الحكومة الجديدة لتعزيز دورها في تنظيم القطاع المالي الرقمي.

خلفية السياسة التنظيمية

مع تنامي شعبية تداول العملات الرقمية، سعت الحكومة الكورية الجنوبية إلى تطوير خريطة تنظيمية متكاملة. ومن ثم، جاءت سياسة الرئيس لي جاي-ميونغ لتعزيز أطر مكافحة الاحتيال ورفع كفاءة السوق بفرض رقابة صارمة على الرسوم المفروضة على المستخدمين .

وعلاوة على ذلك، أشار المسؤولون إلى رغبتهم في مقارنة معدلات الرسوم المحلية مع تلك الدولية، تمهيدًا لوضع معيار موحد يوازن بين حماية المستثمرين وتحفيز نمو القطاع .

دوافع التحقيق

وتنبثق الحاجة إلى التحقيق من ردود فعل السوق، إضافة إلى عدد من حالات الاحتيال الأخيرة وحركات الأسعار المشبوهة في بعض المنصات المشبوهة . ومن هنا، قررت لجنة الخدمات المالية البدء في تحليل شامل لكل أنواع الرسوم المتعلقة بالتداول.

وسيشمل التحقيق أنواع الرسوم التالية:

1. رسوم التداول لكل عملية.

2. رسوم الإيداع والسحب.

3. الرسوم الأخرى المخفية التي قد تثقل كاهل المستخدم.

خطوات التحقيق الرسمية

وفق إعلان اللجنة، فإن الإجراءات ستكون منظمة على النحو التالي:

• أولًا، سيتم جمع بيانات حول الرسوم الحالية.

• ثانيًا، تتم مقارنة هذه الرسوم مع مثيلاتها في منصات دولية.

• ثالثًا، استشارة خبراء مستقلين لجمع رؤى فنية وقانونية.

• رابعًا، إعداد تقرير نهائي يتضمن توصيات للإصلاح.

هذا البيان صدر خلال جلسة تكاملية بين فريق العمل التوجيهي لحكومة الرئيس الجديد ولجنة الخدمات المالية .

أهداف التحقيق

تهدف اللجنة لتحقيق عدة أغراض استراتيجية:

• تعزيز الشفافية في الرسوم وتقليل فرص التلاعب.

• دعم القدرة التنافسية للصناعة المحلية على المستويين الإقليمي والدولي.

• حماية جمهور المستثمرين، وخاصة من الفئات الشابة وفق ما وعد به الرئيس لي جاي-ميونغ .

• توحيد بيئة الرسوم لتوفير معايير واضحة أمام المستخدمين.

آثار متوقعة على المنصات

من المرجّح أن يؤدي التحقيق إلى تغييرات ملموسة في هيكل الرسوم:

• قد يتم تخفيض الرسوم العالية التي تتجاوز المعدل الدولي.

• يشمل ذلك رسوم السحب، والتي غالبًا ما تكون سببًا رئيسيًا في تفضيل المنصات الأجنبية.

• كما قد تُقنن الرسوم الأخرى غير المعلنة لتحسين المنافسة بين المنصات.

علاوة على ذلك، فإن أي تغييرات ستُعلن رسميًا، ومن المتوقع أن تؤدي إلى تعديل استراتيجي في خطط المنصات المستقبلية، بما في ذلك تعزيز الشفافية وخفض كلفة الاستخدام.

السياق التنظيمي في كوريا الجنوبية

لم يأتِ هذا التحقيق بمعزل عن جهود سابقة لفرض رقابة دقيقة على المنصات. ففي السنوات الأخيرة، تم اعتماد نظام ترخيص صارم، وشروط AML/KYC، بالإضافة إلى إنشاء بنية تحتية لمراقبة المعاملات المشبوهة .

وقد أقرت لجنة الخدمات المالية من قبل بتجميد التداول على المنصات المشبوهة، فضلاً عن إجراءات استباقية لحماية المستثمرين، كجزء من توصيات مجموعة العمل المالي الدولية FATF .

دور التضييق التنظيمي

يمثل التحقيق أحدث خطوات التضييق التدريجي على المنصات، بهدف:

• مخاطبة أوجه القصور في آلية الرسوم المطبقة.

• حماية المستخدم من الرسوم الظاهرة المفاجئة وغير المعلنة.

• الحفاظ على بيئة مالية مستقرة تمتثل للممارسات الدولية.

ردود فعل الصناعة

رغم قلة المعلومات المنشورة حتى الآن، ترى بعض المصادر أن هذا التوجه يؤكد دعم الحكومة لقطاع العملات الرقمية ضمن أطر قانونية واضحة. ويشدد محللون على ضرورة التوصل إلى توازن بين خفض الرسوم والحفاظ على أداء المنصات واستدامتها.

وقد صرح مسؤول في لجنة الخدمات قائلًا إن “التحقيق سيسهم في وضع نموذج جديد يحاكي أعلى المعايير الدولية، وهو وعد للناشطين في السوق الشابة.” وتعكس هذه التصريحات الطبيعة الرسمية للبيان.

الخطوات القادمة

• رفع نتائج التحقيق إلى لجنة الخدمات المالية.

• الإعلان عن حدود قضائية للرسوم، إن اقتضت الضرورة.

• تطبيق آليات رقابة دورية على الرسوم.

• إصدار لوائح داعمة للمستخدم تضمن حقه في معرفة كافة التفاصيل.

إن هذا التحقيق يعكس تحول الحكومة الكورية نحو تبني نهج رقابي متكامل للعملات الرقمية. كما يوضح التزامها بحماية المستثمرين وتحقيق سوق أكثر عدالة وتنافسية. علاوة على ذلك، يأتي في سياق الإصلاح الشامل للقطاع المالي الرقمي، والذي بدأ منذ اعتماد قانون “حماية مستخدمي الأصول الافتراضية” في عام 2023. وتُعد هذه الخطوة بمثابة محور استراتيجي يدفع بالكفاءة إلى الأمام.

في ضوء هذا، من المرجّح أن نشهد قريبًا إعلان نتائج التحقيق الرسمي، يتبعه إصدار إرشادات واضحة حول الرسوم. ونرى أن هذا الإطار قد يشجّع مستخدمي العملات الرقمية على التمسّك بالمنصات المحلية، مستفيدين من بيئة تنظيمية شفافة وآمنة.