في مؤتمر صحفي عُقد يوم الجمعة في البيت الأبيض، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ اعتماد البيتكوين والعملات الرقمية قد يُخفّف من الضغط على الدولار الأمريكي. وأضاف أنّ القطاع الرقمي يتحوّل إلى صناعة لا يمكن تجاهلها، نظراً لما يولّده من فرص وظيفية واستثمارية متنامية .
أهمية التصريحات في السياق الاقتصادي
قد تبدو تصريحات الرئيس ترامب مفاجِئة بعد سنوات من المواقف السلبية تجاه العملات الرقمية. ومع ذلك، فإن تركيزه على تخفيف الضغط عن الدولار يكشف عن رؤية استراتيجية ترتكز على:
-
تقليل الاعتماد الكلي على ورق النقد الأمريكي.
-
استغلال دور البيتكوين كأصل ذي سقف محدود أمام تضخم الدولار.
-
ضمان بقاء الريادة الأمريكية في قطاع التكنولوجيا المالية المتسارع.
فعلاً، وبناءً على هذه الرؤية، رأى ترامب أن المسار العالمي نحو العملات الرقمية لا ينحسر، بل يُكرّس نفسه يوماً بعد يوم .
تعزيز دور البيتكوين كحاجز أمام التضخم
اتجه ترامب للحديث عن معضلة تقريب أهمية للدولار تُعرف بـ”معضلة تريفين”. وهي تلك الظروف التي تضطر فيها الدولة المصدرة للعملة العالمية إلى سداد العجز التجاري بطباعة مزيد من النقد، ما يقلص من قيمة العملة على المدى الطويل .
كما قال أن: “الناس يقولون إن ذلك يُخفّف الضغط الجسيم عن الدولار… وهذا أمر عظيم لبلدنا.”
فاقترح ترامب أن استخدام البيتكوين في المدفوعات يقلل الاعتماد على طباعة المزيد من الدولارات، وهذا ما يضبط مستويات التضخم نسبياً.
الاقتصاد الحقيقي والمناهج الرقمية
واصل الرئيس الأمريكي حديثه مشيراً إلى الأثر الإيجابي للبيتكوين على الاقتصاد الأميركي من خلال:
-
توفير فرص عمل جديدة في قطاع التكنولوجيا والتحويلات الرقمية.
-
احتمالية توسّع القبول التجاري للعملة الرقمية، مما يعزّز مرونة المعاملات المالية.
-
قدرة البيتكوين على مقاومة الانكماش الاقتصادي النسبي بتكوّن صناعي متين .
ولم يخفِ ترامب إيمانَه بدور البيتكوين كجزء مهمّ من “صناعة قوية” إنتاجاً وتوظيفاً، قائلاً: “لقد أصبحت صناعة قوية الأمر الأهم مما قد نستثمر فيه” .
موقف البيت الأبيض وتنسيق السياسات
في اليوم نفسه، أكد ترامب أنّ خطوة دعم البيتكوين تأتي ضمن توجيه سياسي يتماشى مع الهدف العام للهيمنة التكنولوجية والاقتصادية للولايات المتحدة. وأشار إلى خطط لإجراءات تشريعية تنظم العملات الرقمية بما يضمن جدولاً واضحاً للعمل والتداول والمنح الحكومية المستقبلية .
وقد شمل ذلك:
-
تشريعات قيد التطوير تميّز الأصول الرقمية بين الأوراق المالية والسلع.
-
منح تراخيص اتحادية لتشغيل منصات التداول.
-
صياغة إطار تنظيمي حصري للعمل بالـ stablecoins.
كما أوضح الرئيس صدور مشروع قانون مسؤولية يشمل حكومة ترامب والعائلة، يوجب الإفصاح عن أي أرباح عملات رقمية، ويضمن أن المنافع الحكومية لا تتداخل مع مكاسب شخصية .
المقاومة الداخلية والرؤية الاقتصادية المتفاوتة
رغم تأييده الابتكار الرقمي، إلا أن ترامب أشار إلى أنّ عائلته لا تمارس أي تأثير مباشر على استراتيجيات السياسات. وقد اختص بأميرالاً كبيراً قائلاً إن الأصول الرقمية للعائلة يديرها أبناؤه بعيداً عن دوائر الحكم .
إضافة إلى ذلك، فإن بعض الخبراء الاقتصاديين يظلون مترددين. فهم يرون أن:
البيتكوين لا يزال أصلًا متقلبًا، ولا يمكن الاعتماد عليه كدرع شبه مستقل إلى حين استقراره. فإلى جانب التباين السياسي، يبرز طلب على تنظيم صارم لضمان التعايش السلمي بين العملات الرقمية والنظير النقدي التقليدي في الهيكل المالي الأميركي.
السياق العالمي والرد الدولي
يمكن فهم تصريحات ترامب في إطار رؤية أوسع تنافسية متنامية مع الصين. فقد أكد الرئيس ضرورة تعزيز الريادة الأميركية في العملات الرقمية تفادياً لانفراد الدول الأخرى، خصوصاً الصين، بموارد البنية التحتية الرقمية .
وهكذا، يدخل البيت الأبيض –بقيادة ترامب– حلبة “السباق الرقمي” غير المعلن، وسط حراك قانوني وتنظيمي قد يحوّل الولايات المتحدة إلى محط جذب للابتكارات المالية العالمية.