في تطور جديد يُلقي الضوء على تزايد تداخل السياسة مع التكنولوجيا المالية، تقدّم عدد من المشرّعين في الولايات المتحدة بطلب رسمي إلى وزارة الخزانة الأمريكية لفتح تحقيق شامل حول العملة المشفرة المعروفة باسم “TRUMP Coin”، والتي تُنسب من حيث الاسم إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ويُثير هذا الطلب جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والتنظيمية، خاصةً في ظل المخاوف المتزايدة من استخدام العملات الرقمية لأغراض سياسية أو تمويل غير مشروع لحملات انتخابية.
خلفية ظهور العملة المشفرة المرتبطة بترامب
بدأت العملة التي تُعرف باسم “TRUMP Coin” بالظهور على منصات التداول اللامركزية في أوائل مايو 2025. وقد تزامن إطلاقها مع عودة النشاط الانتخابي للرئيس السابق، دونالد ترامب، وهو ما أعطى العملة طابعًا سياسيًا واضحًا.
وبرغم عدم صدور تأكيد رسمي من ترامب نفسه حول علاقته بالعملة، فإن ترويجها المكثف عبر قنوات مرتبطة بأنصاره زاد من تعقيد المسألة، وجعلها محط اهتمام الجهات التنظيمية.
أسباب تقديم طلب التحقيق
وفقًا لما نُشر في عدد من البيانات الصادرة عن أعضاء في الكونغرس الأمريكي، فإن دوافع هذا الطلب تتعلق بعدة مخاوف، أبرزها:
-
احتمالية استخدام العملة في تمويل حملات انتخابية بطريقة غير شفافة.
-
غياب الإفصاحات القانونية اللازمة بشأن مصادر الأموال.
-
وجود مؤشرات على تحويلات مالية مجهولة المصدر عبر محافظ مرتبطة بالعملة.
كما شدّد مقدمو الطلب على أن الأمر لا يخص فقط امتثال القوانين المالية، بل يتعلّق أيضًا بالحفاظ على نزاهة النظام الانتخابي.
طبيعة الأسئلة المطروحة على وزارة الخزانة
يتضمن الطلب أسئلة دقيقة ومباشرة، منها:
-
هل تم فتح أي حسابات مصرفية مرتبطة بهذه العملة داخل أو خارج الولايات المتحدة؟
-
ما مدى التزام الجهة المصدرة للعملة بقوانين مكافحة غسل الأموال؟
-
هل توجد علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين الرئيس السابق وحملته، ومطوري العملة؟
ومن المتوقع أن تقوم وزارة الخزانة بإحالة الطلب إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) ووحدة الاستخبارات المالية لمتابعته ضمن الإطار القانوني.
تفاعل الرأي العام والمؤسسات الإعلامية
تفاعلت وسائل الإعلام الأمريكية مع الخبر بسرعة، حيث تم تخصيص تغطيات عاجلة واستضافة خبراء قانونيين واقتصاديين لتحليل أبعاد التحقيق.
وفي الوقت ذاته، شهدت المنصات الاجتماعية نقاشًا واسعًا بين أنصار ترامب ومعارضيه. وقد أكد بعض المحللين أن توقيت التحقيق قد يكون له تأثير مباشر على الرأي العام، خاصةً في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.
موقف الحملة الانتخابية للرئيس السابق
في بيان مقتضب، أكدت الحملة الانتخابية للرئيس السابق دونالد ترامب أنها “ليست مسؤولة عن أي عملة رقمية تحمل اسم ترامب أو شعاراته”. كما أوضحت أن استخدام العلامة التجارية “TRUMP” دون ترخيص قانوني يُعد انتهاكًا واضحًا، وستتم ملاحقة المسؤولين عنه قضائيًا.
ويُظهر هذا البيان محاولة واضحة للنأي بالحملة عن أي ارتباط مباشر بالعملة، تفاديًا لتورط قانوني محتمل.
التداعيات السياسية والتنظيمية المتوقعة
من المرجح أن يُعيد هذا التحقيق فتح ملف تنظيم استخدام العملات المشفرة في السياق السياسي. فحتى الآن، لا توجد قوانين واضحة تحدد كيفية استخدام الأصول الرقمية في الحملات أو التبرعات السياسية.
وتُطالب منظمات الشفافية الحكومية بسن قوانين جديدة تُلزم بالإفصاح عن جميع المعاملات الرقمية، وتُجبر أي جهة سياسية باستخدام العملة المشفرة على الالتزام التام بقوانين تمويل الحملات.
علامة فارقة في العلاقة بين السياسة والعملات الرقمية
الطلب الرسمي المقدم إلى وزارة الخزانة لا يتعلق فقط بالعملة المسماة “TRUMP Coin”، بل يُجسد مرحلة جديدة في تطور العلاقة بين السياسة والتكنولوجيا.
ومع تزايد التحديات المرتبطة باستخدام العملات الرقمية، قد نكون أمام لحظة فاصلة تتطلب إعادة صياغة القوانين لتشمل الأدوات الرقمية، بما يضمن النزاهة والشفافية في النظام الديمقراطي الأمريكي.